الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5210 ص: حدثنا ربيع المؤذن ، قال: ثنا أسد ، قال: ثنا حماد بن سلمة ، عن عطاء بن السائب ، عن أبيه ، عن علي -رضي الله عنه-: "أنه قال لفاطمة -رضي الله عنها- ذات يوم: قد جاء الله أباك بسعة ورقيق فأتيه فاستخدميه، فأتته فذكرت ذلك له، فقال: والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم ولا أجد ما أنفق عليهم، ولكن أبيعها وأنفق عليهم، ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ علمنيه جبريل -عليه السلام-: كبرا في دبر كل صلاة عشرا وسبحا عشرا واحمدا عشرا، وإذا أويتما إلى فراشكما..." ثم ذكر مثل ما في حديث سليمان. .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذا وجه آخر، وطريقه صحيح، ورجاله ثقات قد تكرر ذكرهم.

                                                وأخرجه أحمد في "مسنده": ثنا عفان، ثنا حماد، أنا عطاء بن السائب ، عن أبيه، عن علي -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما زوجه فاطمة بعث معه بخميلة ووسادة من أدم حشوها ليف ورحائين وسقاء وجرتين، فقال علي -رضي الله عنه- لفاطمة -رضي الله عنها- ذات يوم: والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري، قال: وقد جاء الله أباك بسبي، فاذهبي فاستخدميه، فقالت: والله قد طحنت حتى مجلت يداي، فأتت النبي -عليه السلام- فقال:

                                                [ ص: 289 ] ما جاء بك أي بنية؟ فقالت: جئت لأسلم عليك، واستحيت أن تسأله ورجعت، فقال: ما فعلت؟ قالت: استحييت أن أسأله، فأتيناه جميعا، فقال علي -رضي الله عنه-: يا رسول الله، والله لقد سنوت حتى اشتكيت صدري، وقالت فاطمة -رضي الله عنها-: قد طحنت حتى مجلت يداي، وقد جاءك الله بسبي وسعة، فأخدمنا، فقال: والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوى بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم، ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثمانهم، فرجعا، فأتاهما النبي -عليه السلام- وقد دخلا في قطيفتهما إذا غطت رءوسها تكشفت أقدامهما، وإذا غطيا أقدامها تكشفت رؤوسهما، فثارا، فقال: مكانكما، ثم قال: ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ قالا: بلى، فقال: كلمات علمنيهن جبريل -عليه السلام-، فقال: تسبحان في دبر كل صلاة عشرا وتحمدان عشرا وتكبران عشرا، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين، واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين، قال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله -عليه السلام-، قال: فقال له ابن الكواك: ولا ليلة صفين؟ فقال: قاتلكم الله يا أهل العراق، نعم ولا ليلة صفين".


                                                قوله: "بسعة" السعة بفتحتين الجدة والطاقة، وأراد بها المال.

                                                قوله: "تطوى بطونهم" يقال: طوي من الجوع يطوي طوى، فهو طاو: أي خالي البطن جائع لم يأكل، وطوى يطوي إذا تعمد ذلك.

                                                قال الجوهري: الطوى الجوع، يقال: طوي - بالكسر - يطوي طوى فهو طاو ووطيان، وطوى - بالفتح - يطوي طيا إذا تعمد لذلك.

                                                قوله: "لقد سنوت" أي استقيت، ومنه السانية، وهي الناقة التي يستقى عليها.

                                                قوله: "حتى مجلت يداي" يقال: مجلت يده تمجل مجلا ومجلت تمجل مجلا إذا ثخن جلدها وتعجر وظهر منها ما يشبه البثر من العمل في الأشياء الصلبة الخشنة.

                                                و: "القطيفة" كساء له خمل.




                                                الخدمات العلمية