الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4027 285 - حدثني محمود ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، قال : أخبرني الزهري ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف ، وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمه المدينة ، فسار هو ومن معه من المسلمين إلى مكة يصوم ويصومون حتى بلغ الكديد ، وهو ماء بين عسفان وقديد ، أفطر وأفطروا ، قال الزهري : وإنما يؤخذ من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الآخر فالآخر .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  هذا طريق آخر في حديث ابن عباس ، وهو من مراسيله ; لأنه كان من المستضعفين بمكة ، قاله ابن التين ، ومحمود هو ابن غيلان أبو أحمد المروزي شيخ مسلم أيضا .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه مسلم أيضا في الصوم عن يحيى بن يحيى ، وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة .

                                                                                                                                                                                  قوله : " ومعه عشرة آلاف " أي : من سائر القبائل ، وعند ابن إسحاق : ثم خرج رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في اثني عشر ألفا من المهاجرين والأنصار وأسلم وغفار ومزينة وجهينة وسليم ، والتوفيق بين الروايتين بأن العشرة آلاف من نفس المدينة ثم تلاحق به الألفان ، قوله : " وذلك " أي : خروجه على رأس ثمان سنين ، قيل : هذا وهم والصواب على رأس سبع سنين ونصف ، وإنما وقع الوهم من كون غزوة الفتح كانت في سنة ثمان ، ومن أثناء ربيع الأول إلى أثناء رمضان نصف سنة سواء فالتحرير أنها سبع سنين ونصف ، وقال أبو نعيم الحداد في جمعه بين الصحيحين : كان الفتح بعد السنة الثامنة ، وقال مالك : كان الفتح في تسعة عشر يوما من رمضان على ثمان سنين ، وحقيقة الحساب على ما ذكره الشيخ أبو محمد في مختصره : أنها سبع سنين وتسعة أشهر ; لأن الفتح في الثامنة من رمضان ، وكان مقدمه المدينة في ربيع الأول يدل عليه أن ابن عباس قال : أقمنا مع رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم تسعة عشر يوما يقصر الصلاة ، وهو لم يحضر الفتح لأنه كان من المستضعفين بمكة ، قوله : " يصوم حال " أي : النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، قوله : " أفطر " أي : النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، " وأفطروا " أي : المسلمون الذين كانوا معه ، قوله : " قال الزهري : وإنما يؤخذ " أي : يجعل الآخر اللاحق ناسخا للأول السابق والصوم في السفر كان أولا والإفطار آخرا ، وفي الحديث رد على جماعة منهم عبيدة السلماني في قوله : ليس له الفطر إذا شهد أول رمضان في الحضر مستدلا بقوله تعالى : فمن شهد منكم الشهر فليصمه وهو عند الجماعة محمول على من شهده كله ، إذ لا يقال لمن شهد بعض الشهر : شهده كله .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية