الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                        صفحة جزء
                                                                                        وفي الخلاصة ويثاب كمن سبح الله تعالى في السوق ، وأراد بذلك أن [ ص: 235 ] الناس يشتغلون بأمر الدنيا وهو يشتغل بالتسبيح ولو فتح التاجر السلعة فصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وأراد بذلك إعلام المشتري جودة ثوبه فذلك مكروه بخلاف العالم إذا قال في علمه صلوا على النبي صلى الله عليه وسلم أو قال قارئ القوم كبروا حيث يثاب وفي الخلاصة الفقيه هل يصلي صلاة التسبيح ؟ قال : ذلك طاعة العامة ، قيل له : فلان الفقيه يصليها قال هو عندي من العامة وفي الغياثية وردت الأخبار بتفضيل بعض السور والآيات على بعض كآية الكرسي ونحوها واختلفوا في معنى الأفضل قال بعض : إن ثواب قراءتها أفضل وقيل بأنها للقلب أيقظ وهذا أقرب إلى الصواب والأفضل أن لا يفضل بعض القرآن على بعض ، كره بعض المشايخ التصدق على الذي يقرأ القرآن في الأسواق زجرا له ، والتسبيح والتهليل من الذي يسأل في الأسواق نظير القرآن ويكره التصدق على الذي يسأل الناس في المساجد زجرا له ويكره أن يقرأ القرآن في المخرج والمغتسل والحمام وموضع النجاسات وفي المسلخ والمذبح إلا حرفا .

                                                                                        وفي النوازل : قراءة القرآن عند المقابر إذا أخفاها لا يكره وإن جهر بها يكره والشيخ محمد بن إبراهيم قال لا بأس أن يقرأ سورة الملك على المقابر سواء أخفاها أو جهر بها أما غيرها فلا يقرؤها لورود الآثار بسورة الملك وعن أبي بكر بن أبي سعيد يستحب زيارة القبر وقراءة سورة الإخلاص سبع مرات فإن كان الميت غير مغفور له غفر له وإن كان مغفورا له غفر لهذا القارئ ووهبت ذنوبه للميت وفي التتارخانية : رجل مات فأجلس وارثه رجلا على قبره يقرأ القرآن قال بعضهم يكره والمختار أنه لا يكره والأشبه أنه ينتفع الميت وفي الخانية أن قراءة القرآن عند القبور إن نوى أن يؤانسهم بصوته يقرأ وإن لم يقصد ذلك فالله سبحانه وتعالى يسمع القرآن حيث كان قوم يقرءون القرآن في المصاحف ، أو رجل دخل عليه واحد فقام له فإن كان عالما أو أباه أو أستاذه الذي علمه القرآن جاز أن يقوم له وغير ذلك لا يجوز وفي فتاوى أهواز لا بأس بأن يقرأ القرآن إذا وضع جنبه على الأرض وينبغي أن يضم رجليه عند القراءة ، وأن يخرج رأسه إذا غطى رأسه باللحاف وإذا قرأ آية أو سورة فعليه أن يستعيذ بالله ، وأن يتبع ذلك بالبسملة قبل القراءة .

                                                                                        وفي فتاوى أهل سمرقند إذا كان يقرأ القرآن فسمع المؤذن أنه يرد عليه بقلبه وعن محمد أنه يمضي إلى قراءته ولا يلتفت إليه وفي التتمة سأل الخجندي عن إمام يقرأ مع جماعة كل غداة بعد فراغ صلاته جاهرا آية الكرسي وشهد الله وآخر سورة البقرة هل يجوز ذلك قال : يجوز والأفضل الإخفاء قال السغناقي ابن الحنفية قال الدعاء أربعة دعاء رغبة ، ودعاء رهبة ، ودعاء تضرع ، ودعاء خفية ففي دعاء الرغبة يجعل بطون كفيه إلى السماء وفي دعاء الرهبة يجعل ظهورها إلى وجهه كالمستغيث من الشيء وفي دعاء التضرع يعقد الخنصر والبنصر ويحلق الإبهام والوسطى ويشير بالسبابة وفي دعاء الخفية يفعل ما يفعل المرء في نفسه وفي التتمة لا يقول الرجل : أستغفر الله ، وأتوب إليه ولكن يقول : أستغفر الله وأسأله التوبة قال أبو جعفر الطحاوي لا بأس به وفي الفتاوى الغياثية وما جاء في الحديث { اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا } والمراد والله أعلم كافر النعمة لا كافر الديانة قال الصدر الشهيد وهو الصحيح وفيها قال أبو نصر الدبوسي : وعليه الفتوى ولو أراد أن يصلي ويقرأ القرآن وخاف أن يدخل عليه الرياء لا يترك الصلاة والقراءة لأجل ذلك وكذا في جميع الفرائض وفي التتارخانية وإذا سال الدم من الأنف فكتب الفاتحة بالدم على الفم والوجه جاز للاستشفاء والمعالجة ولو أراد أن يكتب ذلك بالبول لم ينقل ذلك عن المتقدمين وقيل لا بأس به إذا علم به الشفاء .

                                                                                        التالي السابق


                                                                                        الخدمات العلمية