الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          [ ص: 41 ] باب العذر في ترك الجمعة والجماعة .

                                                                                                          يعذر فيهما بمرض ، وبخوف حدوثه ، وإن لم يتضرر بإتيانها راكبا ، أو محمولا ، أو تبرع أحد به ، أو بأن يقود أعمى لزمته الجمعة ، وقيل : لا ، كالجماعة ، نقل المروذي في الجمعة : يكتري ويركب ، وحمله القاضي على ضعف عقب المرض ، فأما مع المرض فلا يلزمه لبقاء العذر . ونقل أبو داود فيمن يحضر الجمعة فيعجز عن الجماعة يومين من التعب ، قال : لا أدري ، وبمدافعة أحد الأخبثين وبحضرة طعام محتاج إليه ، ويشبع ، لخبر أنس في الصحيحين ، ولا يعجلن حتى يفرغ منه ، وعنه : ما يسكن نفسه ، وجزم به جماعة في الجمعة ، وذكر ابن حامد ، إن بدأ بالطعام ثم أقيمت الصلاة ابتدر إلى الصلاة ، لحديث عمرو بن أمية إن النبي صلى الله عليه وسلم دعي إلى الصلاة وهو يحتز من كتف شاة يأكل منها فقام وصلى متفق عليه ، كذا قال ، ولعل مراده مع عدم الحاجة ، وبخوفه على نفسه ، أو ماله ، ولو تعمد سبب المال ، خلافا لابن عقيل في الجمعة ، قال : كسائر الحيل لإسقاط العبادات ، كذا أطلق ، واستدل . وعنه : إن خاف ظلما في ماله فليجعله وقاية لدينه ، ذكره الخلال . أو ضائع يرجوه ، أو معيشة يحتاجها ، أو مال استؤجر على حفظه ، وبخوف معسر حبسه ، أو لزمه ، أو تطويل إمام ، أو موت قريبه ، نص عليه . أو تمريضه ، ونقل ابن منصور فيه : وليس له من يخدمه ، وأنه لا يترك الجمعة ، وفي النصيحة : [ ص: 42 ] وليس له أن يخدمه إلا أن يتضرر ولم يجد بدا من حضوره ، أو رفيقه أو فوت رفقته ، وبغلبة نعاس يخاف فوتها في الوقت ، وكذا مع الإمام ، وقيل : في الجماعة لا الجمعة ، وقيل : لا ، فيهما ، وذكر ابن الجوزي : يعذر فيهما : بخوفه نقض وضوئه بانتظاره ، وبالتأذي بمطر ، أو وحل ( م ) في الجمعة ، وعنه : سفرا ، وبريح باردة في ليلة مظلمة ، ولم يذكر بعضهم : مظلمة ، وقيل : ريح شديدة ، وعنه : سفرا ، وعنه : كلها عذر في سفر لا حضر ، وعن ابن عباس أنه قال لمؤذنه في يوم مطير زاد مسلم في يوم جمعة إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة ، قل : صلوا في بيوتكم ، فكأن الناس استنكروا ذلك ، فقال : فعله من هو خير مني ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                          وعن ابن عمر مرفوعا أنه كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة باردة أو ذات مطر في السفر أن يقول : ألا صلوا في رحالكم . ولم يقل ابن ماجه : في السفر . متفق عليهما ، فدل على العمل بأيهما شاء ، ويأتي كلام القاضي في الجمع وفي الفصول : يعذر في الجمعة بمطر وبرد وخوف وفتنة ، كذا قال ، ونقل أبو طالب : من قدر يذهب في المطر فهو له أفضل ، وذكره أبو المعالي ، ثم قال : لو قلنا : ينبغي مع هذه الأعذار لأذهبت الخشوع ، وجلبت السهو ، فتركه أفضل ، وقال : والزلزلة عذر ; لأنها نوع خوف ، وذكر صاحب المحرر وغيره أن التجلد على دفع النعاس ويصلي معهم أفضل ، وأن الأفضل ترك ما يرجوه لا ما يخاف تلفه ، وذكر بعضهم أن الرخص غير الجمع أفضل ، ويأتي [ ص: 43 ] كلام ابن عقيل في الجمعة ، وظاهر كلام أبي المعالي أن كل ما أذهب الخشوع كالحر المزعج عذر ، ولهذا جعله أصحابنا كالبرد المؤلم في منع الحكم والإفتاء .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          ( تنبيه ) .

                                                                                                          ليس في باب العذر في ترك الجمعة والجماعة وباب صلاة المرضى شيء من المسائل التي فيها الخلاف المطلق .




                                                                                                          الخدمات العلمية