الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          فإن نشزت بأن منعته حقه أو أجابته متبرمة وعظها ثم يهجرها في الكلام .

                                                                                                          وفي التبصرة والغنية والمحرر : والمضجع ، ثلاثة أيام ، وقد تقدم في كتاب الجنائز كلام أحمد بالهجر بالكلام فوق ثلاثة ، وذكره جماعة هناك ، { وقد هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه فلم يدخل عليهن شهرا } ، متفق عليه .

                                                                                                          وفي الواضح يهجرها في الفراش ، فإن أضاف إليه الهجر في الكلام ودخوله وخروجه عليها جاز وكره ، ثم يضربها غير شديد ، عشرة فأقل ، ذكره أصحابنا وهو حسبه ، قاله في الانتصار ، وعنه : له ضربها أولا ، ولأحمد والبخاري ومسلم من [ ص: 337 ] حديث أبي هريرة [ رضي الله عنه ] { إذا باتت المرأة مهاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى ترجع } . ولا يملك تعزيرها في حق الله [ عز وجل ] .

                                                                                                          ونقل مهنا هل يضربها على ترك زكاة ؟ قال : لا أدري .

                                                                                                          وفيه ضعف ، لأنه نقل عنه : يضربها على فرائض الله [ عز وجل ] ، قاله في الانتصار وذكر غيره : يملكه ، ولا ينبغي سؤاله لم ضربها ، قاله أحمد .

                                                                                                          وفي الترغيب وغيره : الأولى تركه إبقاء للمودة والأولى أن لا يتركه عن الصبي لإصلاحه ،

                                                                                                          وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها { : ما ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده شيئا قط إلا أن يجاهد } . ولمسلم عنها ، { في خروجه عليه الصلاة والسلام في الليل إلى البقيع وأخفاه منها : وخرجت في أثره فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات قالت : ثم انحرف فانحرفت ، فأسرع فأسرعت ، فهرول فهرولت ، فأحضر فأحضرت والإحضار العدو فسبقته فدخلت ، فدخل فقال ما لك يا عائش حشيا رابية ؟ قلت : لا شيء ، [ ص: 338 ] قال لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير قلت : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، فأخبرته ، فلهدني في صدري أوجعتني ، ثم قال ظننت أن يحيف الله عليك ورسوله ؟ } .

                                                                                                          حشيا بفتح الحاء المهملة وإسكان الشين المعجمة مقصور ، والحشا الربو والنهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره ، ورابية أي مرتفعة البطن ، ولهدني بفتح الهاء والدال المهملة ، ويروى بالزاي ، وهما متقاربان ، يقال : لهده بتخفيف الهاء وتشديدها أي دفعه ويقال : لهزه أي ضربه بجميع كفه في صدره ، ويقرب منهما لكزه ووكزه .

                                                                                                          ويمنع منها من علم بمنعه حقها حتى يؤديه ، ويحسن عشرتها ، قال عليه السلام { خيركم خيركم لنسائهم وأنا خيركم لأهلي } وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة [ رضي الله عنه ] { استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته استمتعت بها وفيها عوج فاستوصوا بالنساء } ولمسلم { وكسرها طلاقها } ولأحمد من حديث سمرة { فدارها تعش بها } .

                                                                                                          ونقل عبد الله عن أبيه : سمعت [ ص: 339 ] القاضي ] أبا يوسف يقول : خمسة تجب على الناس مداراتهم : الملك المسلط ، والقاضي المتأول ، والمريض ، والمرأة ، والعالم ليقتبس من علمه . فاستحسنت ذلك .

                                                                                                          ونقل صالح : لا تغلوا في كل شيء حتى الحب والبغض ، ونقل المروزي : من لم يقر بقليل ما يأتي به السفيه أقر بالكثير .

                                                                                                          وقال ابن الجوزي : متى أمسك عن الجاهل عاد ما عنده من العقل موبخا له على قبح ما أتى به ، وأقبل عليه الخلق لائمين له على سوء أدبه في حق من لا يجيبه ، وما ندم حليم ولا ساكت .

                                                                                                          فإن شئت فاجعل سكوتك أجرا واحتقارا ، أو سببا لمعاونة الناس لك ولئلا تقع في إثم . ونقل ابن منصور : حسن الخلق أن لا تغضب ولا تحتد ونقل أيضا : أن يحتمل من الناس ما يكون إليه .

                                                                                                          وقال ثعلب : العرب تقول : صبرك على أذى من تعرفه خير لك من استحداث من لا تعرفه .

                                                                                                          وكان شيخنا يقول هذا المعنى ، وحدث رجل لأحمد ما قيل في العافية عشرة أجزاء ، تسعة منها في التغافل ، فقال أحمد : العافية عشرة أجزاء كلها في التغافل .

                                                                                                          وفي السنن من أوجه عنه صلى الله عليه وسلم قال { لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها } .

                                                                                                          ولأحمد : حدثنا يزيد أنبأنا يحيى بن سعيد عن بشير عن يسار عن { الحصين بن محصن أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال ذات [ ص: 340 ] زوج أنت ؟ قالت : نعم ، قال فانظري أين أنت منه ، فإنما هو جنتك ونارك } إسناده جيد .

                                                                                                          ولابن ماجه والترمذي وحسنه من حديث أم سلمة { أيما امرأة ماتت وزوجها راض عنها دخلت الجنة }

                                                                                                          وذكر ابن عبد البر : قال عمر بن عبد العزيز : أحب الأشياء إلى الله عز وجل أربعة : القصد عند الحدة ولعله الجدة قال : والعفو عند القدرة ، والحلم عند الغضب ، والرفق بعباد الله في كل حال .

                                                                                                          ولكل واحدة من هذه الأربعة فضائل مشهورة .

                                                                                                          قال ابن عبد البر : اجتمعت الحكماء على أربع كلمات وهي : لا تحملن على قلبك ما لا يطيق ولا تعمل عملا ليس لك فيه منفعة ، ولا تثقن بامرأة ، ولا تغتر بالمال وإن كثر .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية