الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          ونقل حرب : إذا قدم معتمرا فيستحب أن يقيم بمكة بعد عمرته ثلاثة أيام ، ثم يخرج ، فإن التفت ودع ، نص عليه ، وذكره أبو بكر ، وقدمه في التعليق وغيره ، وحمله جماعة على الندب ، وذكر ابن عقيل وابن الزاغوني : لا يولي ظهره حتى يغيب ، وذكر شيخنا أن هذا بدعة مكروهة ، وذكر جماعة : ثم يأتي الأبطح المحصب فيصلي به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويهجع به .

                                                                                                          وتستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وزيارة قبره وقبر صاحبيه رضي الله عنهما ، فيسلم عليه مستقبلا له لا للقبلة ( هـ ) ثم يستقبلها ويجعل الحجرة عن يساره ويدعو ، ذكره أحمد ، وظاهر كلامهم قرب من الحجرة أو بعد .

                                                                                                          وفي الفصول نقل صالح وأبو طالب : إذا حج للفرض لم يمر بالمدينة ; لأنه إن حدث به حدث الموت كان في سبيل الحج ، وإن كان تطوعا بدأ بالمدينة .

                                                                                                          وفي المستوعب وغيره : أنه يستقبله ويدعو ، قال ابن عقيل وابن الجوزي : يكره قصد القبور للدعاء ، قال شيخنا : ووقوفه عندها له ، ولا يستحب تمسحه به ، قال في المستوعب : بل يكره ، قال أحمد : أهل العلم كانوا لا يمسونه ، نقل أبو الحارث : يدنو منه ولا يتمسح به يقوم حذاءه فيسلم ، كفعل ابن عمر ، وعنه : بلى ، ورخص في المنبر ( م ) ; لأن ابن عمر وضع يده على مقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وضعها على وجهه ، قال ابن الزاغوني وغيره : وليأت المنبر . [ ص: 524 ] فليتبرك به تبركا بمن ، كان يرتقي عليه ، قال شيخنا : يحرم طوافه بغير البيت العتيق ، اتفاقا ، قال : واتفقوا أنه لا يقبله ولا يتمسح به ، فإنه من الشرك ، وقال : والشرك لا يغفره الله ولو كان أصغر .

                                                                                                          قال بعضهم : ولا ترفع الأصوات عند حجرته عليه السلام ، كما لا ترفع فوق صوته ; لأنه في التوقير والحرمة كحياته ، رأيته في مسائل لبعض أصحابنا .

                                                                                                          وفي الفنون : قدم الشيخ أبو عمران المدينة ، فرأى ابن الجوهري الواعظ المصري يعظ ، فعلا صوته ، فصاح عليه الشيخ أبو عمران : لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلم ، والنبي في الحرمة والتوقير بعد موته كحال حياته ، فكما لا ترفع الأصوات بحضرته حيا ولا من وراء حجرته ، فكذا بعد موته ، انزل ، فنزل ابن الجوهري ، وفزع الناس لكلام الشيخ أبي عمران ، قال ابن عقيل : لأنه كلام صدق وحق وجاء على لسان محق ، فنحكم على سامعه .

                                                                                                          وظاهر كلام جماعة أن هذا أدب مستحب بعد الموت ، وقاله بعض العلماء .

                                                                                                          كما هو ظاهر كلامهم للإنصات لكلامه إذا قرأ بل قد صرحوا بأنه لا يجب للقراءة ، بل يستحب ، فهنا أولى ، وأوجبه بعض المالكية .

                                                                                                          وفي مباحث أصحاب الحديث لابن الجوزي ما قد يؤخذ منه وجوبه ، فإنه ذكر عن حماد بن زيد . [ ص: 525 ] قال : كنا عند أيوب ، فسمع لغطا فقال : ما هذا اللغط ، أما بلغهم أن رفع الصوت عند الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كرفع الصوت عليه في حياته ؟ وعن السري بن عاصم أنه كان يحدث فسمع كلاما فقال : ما هذا كنا عند حماد بن زيد وهو يحدث فسمع كلاما فقال : ما هذا ؟ كانوا يعدون الكلام عند حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كرفع الصوت فوق صوته .

                                                                                                          وإذا توجه هلل ثم قال آئبون تائبون ، عابدون ، لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده .

                                                                                                          قال في المستوعب : وكانوا يغتنمون أدعية الحاج قبل أن يتلطخوا بالذنوب .

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          الخدمات العلمية