الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قوله ( ولا يتخطى رقاب الناس ، إلا أن يكون إماما ، أو يرى فرجة فيتخطى إليها ) أما إذا كان إماما : فإنه يتخطى من غير كراهة ، إن كان محتاجا للتخطي . هذا المذهب جزم به المجد في شرحه ، ومجمع البحرين ، وحواشي ابن مفلح قال ابن تميم : يكره تخطي رقاب الناس لغير حاجة ، وقال في الكافي : إذا أتى المسجد كره أن يتخطى الناس إلا أن يكون إماما ولا يجد طريقا فلا بأس بالتخطي . انتهى .

وقيل : يتخطى الإمام مطلقا ، وهو ظاهر كلام المصنف هنا ، وابن منجا في شرحه ، وهو ظاهر ما جزم به أبو الخطاب ، وأبو المعالي ، وصاحب التلخيص ، والوجيز ، والغنية ، وزاد : والمؤذن أيضا [ ص: 411 ] وأما غير الإمام : فإن وجد فرجة ، فإن كان لا يصل إليها إلا بالتخطي فله ذلك من غير كراهة ، وإن كان يصل إليها بدون التخطي كره له ذلك على الصحيح من المذهب فيهما قدمه في الفروع فيهما قال ابن تميم : ويكره تخطي رقاب الناس لغير حاجة فإن رأى فرجة لم يكره التخطي إليها . انتهى .

ويأتي كلام المجد وغيره ، وعنه لا يكره التخطي في المسألتين ، وهو ظاهر ما جزم به المصنف هنا ، والخلاصة ، والإفادات ، والوجيز وصححه في البلغة ، والنظم وقدمه ابن رزين في شرحه قال الشيخ تقي الدين : ليس لأحد أن يتخطى رقاب الناس ليدخل في الصف إذ لم يكن بين يديه فرجة ، لا يوم الجمعة ولا غيره . وعنه يكره التخطي فيها قدمه في الرعاية الصغرى ، والحاويين ، والفائق ، والمحرر ، وعنه يكره أن يتخطى ثلاث صفوف فأكثر ، وإلا فلا وجزم به في المغني قال في الكافي : فإن كان لا يصل إليها إلا بتخطي الرجل والرجلين فلا بأس وإن تركوا أول المسجد فارغا وجلسوا دونه فلا بأس بتخطيهم . انتهى . وعنه يكره إن تخطى أربع صفوف فأكثر ، وإلا فلا ، وقيل : إن كانت الفرجة أمامه لم يكره ، وإلا كره ، وأطلق في التلخيص روايتان في كراهة التخطي إذا كانت الفرجة أمامه وقطع المجد أنه لا يكره التخطي للحاجة مطلقا وابن تميم ، وقدمه في الرعاية الكبرى ، وشرح ابن رزين ، وتجريد العناية ، وغيرهم ، وإن لم يجد غير الإمام فرجة ، فالصحيح من المذهب : أنه يكره له التخطي ، وإن كان واحدا ، وعليه جماهير الأصحاب . وقطع به الأكثر ، وقدمه في الفروع [ ص: 412 ] وقال أبو المعالي ، وصاحب النصيحة ، والمنتخب ، والشيخ تقي الدين رحمه الله : يحرم التخطي ، وفي كلام المصنف في مسألة التبكير إلى الجمعة : أن التخطي مذموم . والظاهر : أن الذم إنما يتوجه على فعل محرم .

التالي السابق


الخدمات العلمية