الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ولو ادعى السيد اتحاد نجم الكتابة والمكاتب تعدده صدق المكاتب على القاعدة : نعم لو قال السيد كاتبتك وأنا صبي أو مجنون وأمكن الصبي وعهد المجنون صدق بيمينه ، ولو أتى المشتري بخمر أو بماء فيه فأرة وقال : قبضته كذلك فأنكر القبض كذلك صدق بيمينه ولو صبه في ظرف المشتري فظهرت فيه فأرة فادعى كل أنها من عند الآخر صدق البائع لدعواه الصحة ولأن الأصل في كل حادث تقديره بأقرب زمن والأصل أيضا براءة البائع كما في نظيره من السلم إذا اختلفا هل قبض المسلم إليه رأس المال قبل التفرق أو بعده فلو أقاما في المسألتين بينتين قدمت بينة مدعي الصحة ، وقول ابن أبي عصرون إن كان مال كل بيده حلف المنكر وإلا فصاحبه مردود ( ولو ) ( اشترى عبدا ) مثلا معينا وقبضه ( فجاء بعبد معيب ليرده فقال البائع : ليس هذا المبيع ) ( صدق البائع ) بيمينه لأن الأصل السلامة وبقاء العقد ( وفي مثله في ) المبيع في الذمة ( والسلم ) بأن يقبض المشتري أو المسلم المدفوع عما في الذمة ثم أحضر معيبا ليرده فقال البائع أو المسلم [ ص: 170 ] إليه ليس هذا المقبوض ( يصدق ) المشتري ( والمسلم ) بيمينه ( في الأصح ) أنه المقبوض عملا بأصل بقاء شغل ذمة البائع والمسلم إليه إلى وجود قبض صحيح ، ويجري ذلك في الثمن فيحلف المشتري في المعين والبائع فيما في الذمة ، ومقابل الأصح يصدق المسلم إليه كالبيع ، ولو قبض المبيع مثلا بالكيل أو الوزن ثم ادعى نقصه فإن كان قدر ما يقع مثله في الكيل أو الوزن عادة صدق بيمينه لاحتماله مع عدم مخالفته الظاهر وإلا فلا لمخالفته الظاهر ولأنهما اتفقا على القبض والقابض يدعي الخطأ فيه فعليه البينة ، كما لو اقتسما ثم جاء أحدهما وادعى الخطأ فيه تلزمه البينة ، ولو باع شيئا فظهر كونه لابنه أو موكله فوقع اختلاف كأن قال الابن : باع أبي مالي في الصغر لنفسه متعديا ، وقال الموكل باع وكيلي مالي متعديا ، وقال المشتري لم يتعد الولي ولا الوكيل صدق المشتري بيمينه لأن كلا من الأب والوكيل أمين ولا يتهم إلا بحجة .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : فأنكر القبض ) أي البائع ( قوله : صدق بيمينه ) أي البائع ( قوله : ولو صبه في ظرف المشتري ) خرج به ما لو كان في ظرف البائع فالقول قول المشتري ( قوله : ولأن الأصل في كل حادث ) وهو النجاسة هنا للمبيع وكونها لملاقاة المبيع للفأرة في ظرف المشتري أقرب من كونها كانت في ظرف البائع قبل قبض المشتري وظاهره تصديقه البائع وإن قامت قرينة على صدق المشتري ككون الفأرة منتفخة أو متهرية ولا مانع منه لجواز أن تكون كذلك في ظرف المشتري بواسطة مائع غير هذا المبيع فصب عنها المبيع وظاهر أيضا أن المشتري لو علم استحالة كونها في يده كأن غسل الجرة قبل ذلك وجففها وسدها بما يمنع من وصول الفأرة إليها ولم تزل يده عنها بحيث يمكن وقوع الفأرة فيها ولم يشعر جاز له أخذ قدر الثمن من مال البائع بطريق الظفر لتحققه بطلان البيع ( قوله : في المسألتين ) هما قوله : ولو أتى المشتري إلخ ، وقوله : ولو صبه في ظرف إلخ ( قوله : قدمت بينة مدعي الصحة ) أي أيضا كما قدم قوله : ( قوله : المبيع ) هو بالنصب خبر ليس وهذا اسمها في محل رفع ، ولا يقال : إن هذا من قاعدة أن المحلى بالألف واللام بعد اسم الإشارة يعرب [ ص: 170 ] بدلا ، وقيل عطف بيان ، وقيل نعتا لأن محله ما لم يكن قبله عامل يقتضي رفعه أو نصبه وهذا منه ( قوله : يصدق المشتري ) لكن لو فرض أن المشتري دفع الثمن عما في الذمة في مجلس العقد هل يكون كالمعين فيقبل قول المشتري أنه ما رده البائع معيبا ليس هو المقبوض عملا بقولهم الواقع في المجلس كالواقع في صلب العقد أم المصدق البائع نظرا لكون العقد ورد على ما في الذمة ، فيه نظر ، ومقتضى قولهم للواقع في المجلس كالواقع في العقد الأول ( قوله : فيما في الذمة ) والضابط أن يقال : إن جرى العقد على معين فالقول قول الدافع للمبيع أو الثمن ، وإن جرى على ما في الذمة فالقول قول المدفوع إليه الثمن أو المثمن ( قوله : أو الوزن ) أي أو العدد فيما يظهر فيصدق القابض إن احتمل وقوع الغلط فيه والبائع إن لم يحتمل ، ويحتمل وهو الأقرب تصديق المشتري مطلقا في الكيل والوزن والعد لأن الأصل عدم قبض ما يدعيه البائع ( قوله : صدق ) أي القابض ( قوله : بيمينه ) أي فيطالب بالقبض ( قوله : لأن كلا من الأب والوكيل أمين ) مقتضى هذا التعليل أن مثل الأب الوصي والقيم في تصديق المشتري إذا قال الطفل بعد بلوغه باع الوصي أو القيم لنفسه تعديا وأنكره المشتري ، لكن في آخر فصل الإيصاء أن الوصي لو ادعى بيع مال الطفل للمصلحة وأنكر الطفل بعد بلوغه طولب الوصي بالبينة فليراجع ، وعليه فيمكن الفرق بأن شفقة الأب تمنعه من الخيانة في مال ولده بخلاف غيره .




                                                                                                                            الخدمات العلمية