الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله : فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة ؛ معناه : إنه أضل فريقا؛ حق عليهم الضلالة؛ ثم قال : إنهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ؛ ولو قرئت : " أنهم اتخذوا الشياطين " ؛ لكانت تجوز؛ ولكن الإجماع على الكسر؛ وقوله : ويحسبون أنهم مهتدون ؛ يدل على أن قوما ينتحلون الإسلام؛ ويزعمون أن من كان كافرا؛ وهو لا يعلم أنه كافر؛ فليس بكافر؛ مبطلون لأمر نحلتهم؛ لأن الله - جل ثناؤه - قد أعلمنا أنهم يحسبون أنهم مهتدون؛ ولا اختلاف بين أهل اللغة في أن الحسبان ليس تأويله غير ما يعلم من معنى " حسب " ؛ والدليل على أن الله قد سماهم بظنهم " كفرة " ؛ قوله - عز وجل - : وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار ؛ فأعلم أنهم بالظن كافرون؛ وأنهم معذبون. [ ص: 332 ] وقوله : يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد ؛ هذا أمر بالاستتار في الصلوات؛ وكان أهل الجاهلية يطوفون عراة؛ ويقولون : لا نطوف حول البيت في ثياب قد أذنبنا فيها؛ وكانت المرأة تطوف عريانة أيضا؛ إلا أنها كانت تشد في حقويها أشياء من سيور مقطعة؛ تسمي العرب ذلك " الرهط " ؛ قالت امرأة تطوف وعليها رهط :


                                                                                                                                                                                                                                        اليوم يبدو بعضه أو كله ... فما بدا منه فلا أحله



                                                                                                                                                                                                                                        تعني الفرج؛ لأن السيور لا تستر سترا تاما؛ فأمر الله بعد ذكره عقوبة آدم ؛ وحواء؛ في أن بدت لهما سوءاتهما؛ بالاستتار في وقت كل صلاة؛ بعد أن أعلم أن التعري وظهور السوءة مكروه من لدن آدم ؛

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية