الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كانوا بإشراكهم كأنهم يظنون أن الشدة زالت عنهم زوالا لا يعود ، وكان اللائق بهم دوام التذلل إما وفاء وإما خوفا - أخبرهم ترهيبا لهم من سطوته وتحذيرا من بالغ قدرته أن شدتهم تلك التي أذلتهم لم تزل في الحقيقة ، فإن قدرة الملك عليها حالة الرخاء كقدرته عليها في وقتها سواء ، فإنه خالق الحالتين وأسبابهما وما فيهما ، ولكنهم عمي الأبصار أجلاف الطبائع ، فقال : قل هو أي : وحده القادر ولم يصغه صيغة مبالغة لأنهم لم يكونوا ينكرون قدرته إنما كانوا يدعون المشاركة التي نفاها بالتخصيص ، على أن التعريف يفيد به المبالغة على أن يبعث أي : في أي وقت يريده عليكم أي : في كل حالة عذابا من فوقكم بإسقاط السماء قطعا أو شيء منها كالحجارة التي حصب بها قوم لوط وأصحاب الفيل أو بتسليط أكابركم [ ص: 144 ] أو من تحت أرجلكم أي : بالخسف أو إثارة الحيات أو غيرها من الأرض كما وقع لبعض من سلف ، أو بتسليط سفلتكم وعبيدكم عليكم أو يلبسكم أي : يخلط بينكم حال كونكم شيعا أي : متفرقين ، كل شيعة على هوى ، فيكون ذلك سببا للسيف ويذيق بعضكم أي : بعض تلك الشيع بأس بعض فيساوي في ذلك بين الحرم وغيره ، ويصير التخطف بالنهب والغارات عاما ، وسوق هذا الكلام هكذا يفهم إيقاعه في وقت ما لناس ما ؛ لأن كلام الملوك يصان عن أن لا يكون له صورة توجد وإن كان على سبيل الشرط ونحوه ، فكيف بملك الملوك علام الغيوب ! وللتدريب على مثل هذا الفهم في كلام الله تعالى قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه الترمذي في التفسير عن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - : أما إنها كائنة ولم يأت تأويلها بعد .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال : حسن غريب ، وسيأتي لهذا مزيد بسط وتحقيق في قوله تعالى في الفرقان تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان هذا بيانا عظيما - أشار إلى عظمه بقوله : انظر وعظمه تعظيما آخر بالاستفهام فقال كيف نصرف الآيات أي : نكررها موجهة في جميع الوجوه البديعة النافعة البليغة لعلهم يفقهون أي : ليكون حالهم حال من يرجى فهمه وانتفاعه به ، كان هذا

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية