الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقوله تعالى : يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله حديثا ، فأخبر الله عنهم أنهم لا يكتمون الله هناك شيئا من أحوالهم وما عملوه ، لعلمهم بأن الله مطلع عليهم عالم بأسرارهم ، فيقرون بها ولا يكتمونها . وقيل : يجوز أن يكون المراد أنهم لا يكتمون أسرارهم هناك كما كانوا يكتمونها في الدنيا .

فإن قيل : قد أخبر الله عنهم أنهم يقولون والله ربنا ما كنا مشركين قيل له : فيه وجوه :

أحدها : أن الآخرة مواطن فموطن لا تسمع فيه إلا همسا أي صوتا خفيا ، وموطن يكذبون فيه فيقولون ما كنا نعمل من سوء والله ربنا ما كنا مشركين ، وموطن يعترفون فيه بالخطإ ويسألون الله أن يردهم إلى الدنيا ؛ وروي ذلك عن الحسن وقال ابن عباس : إن قوله تعالى : ولا يكتمون الله حديثا داخل في التمني بعدما نطقت جوارحهم بفضيحتهم وقيل : إن معناه أنه لا يعتد بكتمانهم ؛ لأنه ظاهر عند الله لا يخفى عليه منه شيء ، فكان تقديره أنهم غير قادرين هناك على الكتمان ؛ لأن الله يظهره . وقيل : إنهم لم يقصدوا الكتمان ؛ لأنهم إنما أخبروا على ما توهموا ، ولا يخرجهم ذلك من أن يكونوا قد كتموا ، والله تعالى أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية