الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( ولا ينظر من محرمه ) بنسب ، أو رضاع ، أو مصاهرة ( بين ) فيه تجوز أوضحه قوله : الآتي إلا ما بين ( سرة وركبة ) ؛ لأنه عورة ويلحق به هنا وفيما يأتي على الأوجه نفس السرة والركبة احتياطا وبه فارق ما مر في الصلاة ألا ترى أن الوجه والكفين عورة هنا لإثم ( ويحل ) نظر ( ما سواه ) حيث لا شهوة ولو كافرا لا يرى نكاح المحارم ؛ لأن المحرمية تحرم المناكحة فكانا كرجلين ، أو امرأتين ( وقيل ) يحل نظر ( ما يبدو في المهنة ) بضم الميم وكسرها أي الخدمة ، وهو الرأس والعنق واليدان إلى العضدين والرجلان إلى الركبتين ( فقط ) إذ لا ضرورة لنظر ما عداه كالثدي ولو زمن الرضاع ( والأصح حل النظر بلا شهوة ) ولا خوف فتنة ( إلى الأمة ) خرج بها المبعضة فهي كالحرة قطعا وقيل على الأصح فإجراء شارح الخلاف بين المتن وأصله فيها أيضا سهو ( إلا ما بين سرة وركبة ) ؛ لأنه عورتها في الصلاة فأشبهت الرجل وسيصحح أنها كالحرة ونفي الشهوة لا يختص بها ؛ لأن النظر معها ، أو مع خوف الفتنة حرام لكل منظور إليه وما قيل لعل النفي هنا لإفادته أنه لو خشي الفتنة ونظر بلا شهوة حل غير صحيح بل الوجه حرمته على هذه الطريقة مع الشهوة أو خوف الفتنة وقد يوجه [ ص: 195 ] تخصيص النفي بهذا بأن فيه نظر ما قرب من الفرج وحريمة من امرأة أجنبية مع عدم مانع للشهوة ، وهو يجر غالبا إليها فنفيت بخلاف المحرم ليس مظنة لها فلا يحتاج لنفيها فيه وبخلاف ما ألحق به مما يأتي ؛ لأن نحو السيادة ومسح الذكر والأنثيين ينفيها غالبا فلم يحتج لنفيها ثم أيضا ولا يرد النظر لنحو فصد ؛ لأنه قيده بقوله لفصد إلى آخره ، وهذا يفيد تقييد النظر بغرض نحو الفصد ويلزم منه نفي الشهوة على أن ذاك فيه تفصيل إذ مع التعيين يحل ولو مع الشهوة فإن قلت يرد ذلك كله جعله بلا شهوة قيدا في الصغيرة أيضا قلت لا يرده بل يؤيده ؛ لأنه إنما قيد به فيها لإفادة حكم خفي جدا هو حرمة نظرها مع الشهوة مع أن الفرض أنها لا تشتهى بل يؤخذ من هذا أنه قيد جميع ما في كلامه بغير الشهوة ؛ لأنه يعلم من هذا بالأولى وحينئذ فلا يرد عليه شيء

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم ( قوله : في المتن ولا ينظر من محرمه بين سرة وركبة ) ظاهر كلام الشيخين خروج نفس السرة والركبة في هذه المسائل عن العورة حتى يحل نظرهما ، وهو كذلك شرح م ر ( قوله : حيث لا شهوة ) أي ولا خوف فتنة ( قوله : لا يرى نكاح المحارم ) فلو كان الكافر من قوم يعتقدون نكاح المحارم كالمجوس امتنع نظره وخلوته كما نبه عليه الزركشي شرح م ر ( قوله خرج بها المبعضة ) اعتمده م ر ( قوله : سهو ) قد يكون هذا الشارح اعتمد طريقة الخلاف فلا يلزم السهو ( قوله : بل الوجه حرمته ) على هذه الطريقة مع الشهوة شرح م ر واعلم أن المصنف تعرض للتقييد بعدم الشهوة في مسألة الأمة والصغيرة والأمرد دون بقية المسائل قال الشارح المحلي لحكمة تظهر بالتأمل والحكمة أن الأمة لما كانت في مظنة الامتهان والابتذال في الخدمة ومخالطة الرجال وكانت عورتها في الصلاة ما بين سرتها وركبتها فقط كالرجل ربما يتوهم جواز النظر إليها ولو بشهوة للحاجة ، وأن الصغيرة [ ص: 195 ] لما كانت ليست مظنة للشهوة لا سيما عند عدم تمييزها ربما توهم جواز النظر إليها ولو بشهوة ، وأن الأمرد لما كان من جنس الرجال وكانت الحاجة داعية إلى مخالطتهم في أغلب الأحوال ربما توهم جواز نظرهم إليه ولو بشهوة للحاجة بل للضرورة فدفع تلك التوهمات بتعرضه المذكور وأفاد به تحريم نظر كل من الرجل والمرأة إلى الآخر بشهوة إذا لم يكن بينهما زوجية ولا محرمية ولا سيدية بطريق الأولى وتحريم نظر كل من الرجل إلى الرجل والمرأة إلى المرأة والمحرم إلى محرمه بشهوة بطريق المساواة وناهيك بحسن تعرضه المذكور شرح م ر وأقول قد يشكل على هذا التقدير أن ما ذكر في توجيه التقييد في النظر إلى الأمرد مقتضاه أن التعرض له في نظر الرجل إلى الرجل والمرأة إلى المرأة أولى من التعرض له في نظر الأمرد كما لا يخفى فكان ينبغي التعرض له فيما ذكر ويفهم منه حكم نظر الأمرد بالأولى فليتأمل ( قوله ويلزم منه إلخ ) عليه منع ظاهر بقوله للقصد إلخ لو سلم أنه يفيد انحصار الغرض منه في الفصد إلخ لا ينافي وجود الشهوة معه لا على أنها غرض مع الحرمة أيضا حينئذ والحاصل أن التقييد غاية ما يفيد بعد التسليم نفي الشهوة على أنها غرض من النظر لا نفيها مطلقا وهذا ظاهر جدا للمتأمل .

                                                                                                                              ( قوله وحينئذ فلا يرد عليه شيء ) يرد عليه أن هذا إنما يتجه إذا كان الإيراد أنه ترك هذا القيد في بقية المسائل أما إذا كان الإيراد أنه ما الحكمة في تخصيص بعض المسائل بالتصريح بالتقييد دون الباقي كما هو مراد المحلي بما أشار إليه فلا فتأمله إلا أن يجاب بأن الحكمة فهم الباقي بالأولى مع الاختصار



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : ويرده ) أي ما اختاره الأذرعي ( قوله : وأن لكل إلخ ) يظهر أنه عطف على ما مر وعطفه ع ش على سد الباب حيث قال أي ومنه أن لكل إلخ فالعجوز التي لا تشتهى قد يوجد لها من يريدها ويشتهيها ا هـ ( قوله : بل فيها إشارة إلخ ) يتأمل وجه الإشارة فإن ظاهره جواز النظر إن لم تتبرج بالزينة ومفهومها الحرمة إذا تزينت ، وهو عين ما ذكره الأذرعي ا هـ ع ش ( قوله : واجتماع ) إلى قوله ومن ثم في المغني ( قوله : بنسب ) إلى قول المتن بين في المغني وإلى قوله سرة في النهاية ( قوله : فيه تجوز ) أي حيث جعل بين مفعولا به وأخرجها عن الظرفية ، وهي من غير المتصرفة لكن قد يقال عليه ما المانع من جعل المفعول به محذوفا والتقدير ولا ينظر من محرمه شيئا بين إلخ ا هـ رشيدي وقد يرد عليه أن فيه حينئذ حذف الموصوف بدون شرطه ( قوله : ؛ لأنه عورة ) أي فيحرم نظر ذلك إجماعا نهاية ومغني ( قوله : ويلحق به إلخ ) خالفه النهاية والمغني فقالا وأفاد تعبيره كالروضة حمل نظر السرة والركبة ؛ لأنهما غير عورة بالنسبة لنظر المحرم ، وهو كذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله وفيما يأتي ) أي في الأمة ( قوله : وبه ) أي الاحتياط وقوله ما مر إلخ من أن عورة الرجل والأمة في الصلاة ما بين السرة والركبة .

                                                                                                                              ( قوله : هنا ) أي في نظر الأجنبية ( قوله : حيث لا شهوة ) إلى قوله وما قيل في النهاية والمغني إلا قوله ولو من الرضاع وقوله فإجراء شارح إلى المتن وقوله أو مع خوف الفتنة ( قوله حيث لا شهوة ) أي ولا خوف فتنة ا هـ سم ( قوله : ولو كافرا لا يرى إلخ ) فلو كان الكافر من قوم يعتقدون حل المحارم كالمجوس امتنع نظره وخلوته كما نبه عليه الزركشي نهاية ومغني قال الرشيدي بمعنى أنا نمنعه من ذلك ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : بضم الميم ) عبارة النهاية والمغني بفتح الميم ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وهو ) أي ما يبدو إلخ ( قول المتن حل النظر إلخ ) أي ، وإن كان مكروها ا هـ مغني ( قوله : فإجراء شارح إلخ ) قد يكون هذا الشارح اعتمد طريقة الخلاف فلا يلزم السهو سم أقول مجرد اعتقاد هذا الشارح لطريقة الخلاف لا يكفي في دفع السهو وإنما يدفع إن ثبت أن الرافعي يعتمدها وظاهر التحفة أنه يعتمد طريقة القطع فليراجع ا هـ سيد عمر ( قوله بين المتن إلخ ) نعت للخلاف على خلاف الغالب ( قوله : فيها ) أي المبعضة أيضا أي كالأمة .

                                                                                                                              ( قوله وسيصحح ) أي المصنف بقوله والأصح عند المحققين إلخ ( قوله لا يختص بها ) أي الأمة ( قوله : لكل منظور إليه ) من محرم وغيره غير زوجته وأمته نهاية ومغني وصنيعهما هذا قد يشعر بتخصيص الحكم بغير الجمادات وقال ع ش قوله : لكل منظور إلخ يشمل عمومه الجمادات فيحرم النظر إليها بشهوة ا هـ ع ش وانظر ما المراد بشهوة الجمادات ، أو التلذذ بها إذا لم تكن على صورة الآدمي ( قوله على هذه . الطريقة )

                                                                                                                              أي طريقة الرافعي ( قوله : وقد يوجه إلخ ) اعلم أن المصنف تعرض للتقييد بعدم الشهوة في مسألة الأمة والصغيرة والأمرد دون بقية المسائل وقال [ ص: 195 ] الشارح المحلي أنه لحكمة تظهر بالتأمل ا هـ والحكمة أن الأمة لما كانت في مظنة الامتحان والابتذال في الخدمة ومخالطة الرجال وكانت عورتها في الصلاة ما بين سرتها وركبتها فقط كالرجل ربما توهم جواز النظر إليها ولو بشهوة للحاجة ، وأن الصغيرة لما كانت ليست مظنة للشهوة لا سيما عند عدم تمييزها ربما توهم جواز النظر إليها ولو بشهوة ، وأن الأمرد لما كان من جنس الرجال وكانت الحاجة داعية إلى مخالطتهم في أغلب الأحوال ربما توهم جواز نظرهم إليه ولو بشهوة للحاجة بل للضرورة فدفع تلك التوهمات بتعرضه المذكور وأفاد به تحريم نظر كل من الرجل والمرأة إلى الآخر بشهوة إذا لم تكن بينهما زوجية ولا محرمية ولا سيدية بطريق الأولى وتحريم نظر كل من الرجل إلى الرجل والمرأة إلى المرأة والمحرم إلى محرمه بطريق المساواة وناهيك بحسن تعرضه المذكور ا هـ شرح م ر وأقول قد يشكل على هذا التقرير أن ما ذكر في توجيه التقييد في النظر إلى الأمرد مقتضاه أن التعرض له في نظر الرجل إلى الرجل والمرأة إلى المرأة أولى من التعرض له في نظر الأمرد كما لا يخفى فكان ينبغي التعرض له فيما ذكر ويفهم منه حكم نظر الأمرد بالأولى فليتأمل ا هـ سم ( قوله : تخصيص النفي ) أي نفي الشهوة بهذا أي نظر الأمة .

                                                                                                                              ( قوله : مما يأتي ) أي من نظر العبد إلى سيدته ونظر الممسوح إلى الأجنبية ( قوله ولا يرد ) أي على ذلك التوجيه النظر إلخ أي بأن يقال إن النظر للفصد نظر ما قرب من الفرج مع أنه لم يقيده بنفي الشهوة ( قوله : ويلزم منه إلخ ) استشكله سم بما حاصله أن غاية ما يفيده التقييد بعد التسليم نفي الشهوة على أنها غرض من النظر لا نفيها مطلقا ا هـ ( قوله : ذاك ) أي النظر لنحو فصد ( قوله : يرد ذلك إلخ ) أي التوجيه ودفع ما يرد عليه وقوله جعله فاعل يرد وقوله قيدا في الصغيرة أي كما أفاده العطف ( قوله : أيضا ) أي كالأمة ( قوله : أنه قيد ) أي المصنف ( قوله بل يؤخذ إلخ ) قضيته أن لا يقيد الأمة بذلك كغيرها ( قوله : ؛ لأنه ) أي تقييد الجميع وقوله من هذا أي تقييد الصغيرة




                                                                                                                              الخدمات العلمية