الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( أو ) نوى استباحة ( ما يندب له وضوء كقراءة ) لقرآن أو حديث أو علم شرعي أو آلة له وكدرس أو كتابة لشيء من ذلك وكدخول مسجد وزيارة قبر وبعد تلفظ بمعصية وألحق به فعلها وغضب وحمل ميت ومسه كنحو أبرص أو يهودي ونحو فصد وقص ظفر وكل ما قيل إنه ناقض وغير ذلك مما استوعبته في شرح العباب ( فلا ) يجوز له ذلك أي لا يكفيه في رفع الحدث ( في الأصح ) ؛ لأنه جائز معه فلا يتضمن قصده قصد رفع الحدث نعم إن نوى الوضوء للقراءة لم يبطل إلا إن قصد التعليق بها أولا بخلاف ما لو لم يقصده إلا بعد ذكره الوضوء مثلا لصحة النية حينئذ فلا يبطلها ما وقع بعد [ ص: 198 ] أو القراءة إن كفت وإلا فالصلاة صح على ما مال إليه في البحر كما لو نوى زكاة ماله الغائب إن بقي وإلا فالحاضر واعترض بأن الوضوء عبادة بدنية ، وهي أضيق لعدم قبولها النيابة بخلاف المالية وقد يجاب بأن كونها وسيلة أضعفها فلم يبعد إلحاقها بالمالية أما ما لا يندب له وضوء كعيادة وزيارة نحو والد وقادم وتشييع جنازة وخروج لسفر وعقد نكاح وصوم ونحو لبس فلا تكفي نيته جزما

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : أو ما يندب له وضوء ) قال المحلي أي إن نوى [ ص: 198 ] الوضوء لقراءة القرآن ونحوها انتهى ( قوله فلا يبطلها ما وقع بعد ) فيه نظر ؛ لأن نية القراءة بعد بقصد تعليق الوضوء بها تتضمن قطع النية نعم مجرد نية القراءة بدون قصد تعليقها بالوضوء لا إشكال فيه ( قوله أو القراءة إن كفت إلخ ) عبارة العباب فرع لو نوى الوضوء للتلاوة ، فإن لم يصح فللصلاة فيحتمل صحته كالزكاة انتهى ( قوله : واعترض إلخ ) يعترض أيضا بأن نية المذكور أولا في مسألة الزكاة صحيحة في نفسها بخلاف مسألتنا



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              قول المتن ( أو ما يندب له وضوء إلخ ) قال المحلي أي نوى الوضوء لقراءة القرآن ونحوها انتهى ا هـ سم ، ويأتي في الشرح ما يفصله ( قوله : أو علم شرعي ) أي وحمل كتبه وسماع حديث وفقه واستغراق ضحك وخوف نهاية قال ع ش قوله : م ر وسماع حديث هو ، وإن كان الوضوء له سنة كالقرآن لكنه لا ثواب في مجرد القراءة والسماع للحديث بل لا بد في حصول ذلك من قصد حفظ ألفاظه وتعلم أحكامه على ما نقله ابن العماد عن الشيخ أبي إسحاق ورد به على من قال بحصول الثواب مطلقا بأنه لم يطلع على كلام الشيخ أبي إسحاق وفي فتاوى ابن حجر بعد نقله كلام ابن العماد واستظهاره لكلام الشيخ أبي إسحاق ما نصه وإفتاء بعضهم بحصول الثواب مطلقا هو الأوجه عندي ؛ لأن سماعه لا يخلو عن فائدة ولو لم تكن إلا عود بركته صلى الله عليه وسلم على القارئ لكان ذلك كافيا انتهى وما استوجهه حج يوافقه ظاهر إطلاق الشارح م ر وله وجه وجيه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وبعد تلفظ إلخ ) أي سبقه منه ( قوله : كنحو أبرص إلخ ) أي كمس نحو أبرص إلخ ( قوله : ونحو فصد ) كالحجامة ع ش ( قوله : فلا يجوز ) إلى قوله نعم في النهاية والمغني ( قوله : ؛ لأنه ) أي ما يندب له وضوء جائز معه أي الحدث ( قوله : إلا إن قصد التعليق إلخ ) بأن قصد أنه لا يأتي بالوضوء إلا لأجل قراءة القرآن ولا يقال أن نية الوضوء كافية لرفع الحدث ؛ لأنه هنا علقها بما لا يتوقف على وضوء م ر ا هـ بجيرمي وفي ع ش بعد ذكره كلام الشارح وإقراره ما نصه قال سم على المنهج ، ويتردد النظر في حال الإطلاق وإلحاقه بالأول أي التعليق أقرب وفيه نظر انتهى ولعل وجه النظر أنه إذا قال نويت الوضوء حمل على ما يقتضيه لفظه وهو رفع المنع من الصلاة ونحوها فذكر القراءة طارئ بعده ، وهو لا يضر والتعليق إنما يضر حيث قارن قصده اللفظ ويمكن الجواب بأن المقصود من النية الجزم بالاستباحة فذكر ما هو مباح بعدها مخل للجزم بها فأشبه ما لو قال نويت الوضوء إن شاء الله وأطلق ا هـ عبارة البصري ينبغي أن يلحق الإطلاق بالتعليق نظير ما مر نعم تعقل التعليق فيما نحن فيه لا يخلو عن خفاء إلا أن يراد به مجرد الارتباط بينهما وكونه لأجلها ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : أولا ) أي قبل الفراغ من ذكر الوضوء ( قوله : فلا يبطلها ما وقع بعد ) فيه نظر ؛ لأن نية القراءة بعد بقصد تعليق الوضوء بها يتضمن قطع النية نعم مجرد نية القراءة بدون قصد [ ص: 198 ] تعليقها بالوضوء لا إشكال فيه سم ( قوله : أو القراءة إلخ ) عبارة العباب فرع لو نوى الوضوء للتلاوة ، فإن لم يصح فللصلاة فيحتمل صحته كالزكاة انتهى ا هـ سم ( قوله صح ) خلافا للنهاية ( قوله : زكاة ماله الغائب ) أي بمحل لا يعد إخراجها في الموضع الذي أخرج فيه نقلا للزكاة ع ش ( قوله : واعترض بأن الوضوء إلخ ) ، ويعترض أيضا بأن نية المذكور أولا في مسألة الزكاة صحيحة في نفسها بخلاف مسألتنا سم أي فإن القراءة غير معتد بنيتها على كل حال ع ش ( قوله : بأن كونها ) أي العبادة البدنية التي هي الوضوء ( قوله : أما ما لا يندب ) إلى المتن في النهاية والمغني




                                                                                                                              الخدمات العلمية