الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وزيارة القبور بلا حد )

                                                                                                                            ش : قال [ ص: 237 ] في المدخل فصل وينبغي له أي للعالم أن يمنعهن أي النساء من الخروج إلى القبور وإن كان لهن ميت ; لأن السنة حكمت بعدم خروجهن وذكر أحاديث وآثارا ، ثم قال : وقد اختلف العلماء في خروجهن على ثلاثة أقوال : بالمنع ، والجواز على ما يعلم في الشرع من الستر والتحفظ عكس ما يفعل اليوم .

                                                                                                                            والثالث : الفرق بين الشابة والمتجالة واعلم أن الخلاف في نساء ذلك الزمان ، وأما خروجهن في هذا الزمان فمعاذ الله أن يقول أحد من العلماء ، أو من له مروءة ، أو غيرة في الدين بجوازه انتهى .

                                                                                                                            ثم قال : وصفة السلام على الأموات أن يقول : السلام عليكم أهل الديار المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون أسأل الله لنا ولكم العافية ، ثم يقول اللهم اغفر لنا ولهم وما زدت ، أو نقصت فواسع ، والمقصود الاجتهاد لهم في الدعاء ، ثم يجلس في قبلة الميت ويستقبله بوجهه وهو مخير بين أن يجلس في ناحية رجليه إلى رأسه ، ثم يثني على الله تعالى بما حضره ، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة المشروعة ، ثم يدعو للميت بما أمكنه انتهى .

                                                                                                                            وقال سيدي عبد الرحمن الثعالبي في كتابه المسمى بالعلوم الفاخرة في النظر في أمور الآخرة : وزيارة القبور للرجال متفق عليه وأما النساء فيباح للقواعد ويحرم على الشواب اللواتي يخشى عليهن من الفتنة وذكر أحاديث تقضي الحث على زيارة القبور من جملتها عن الإحياء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من زار أبويه في كل جمعة غفر له وكتب بارا } وعن ابن سيرين قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { إن الرجل ليموت والداه وهو عاق لهما فيدعو الله لهما من بعدهما فيكتبه الله عز وجل من البارين } ثم قال قال القرطبي وينبغي لمن عزم على زيارة القبور أن يتأدب بآدابها ويحضر قلبه في إتيانها ولا يكون حظه التطواف على الأجداث فإن هذه حالة تشاركه فيها البهيمة بل يقصد بزيارته وجه الله تعالى وإصلاح قلبه ونفع الميت بالدعاء وما يتلو عنده من القرآن ويسلم إذا دخل المقابر ويخاطبهم خطاب الحاضرين فيقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون رواه أبو داود وكنى بالدار عن عمارها ، وإذا وصل إلى قبر معرفته سلم عليه أيضا ويأتيه من تلقاء وجهه ويعتبر بحاله ثم ذكر عن عاصم الجحدري أنه سئل بعد موته : هل تعلمون بزيارتنا إياكم ؟ .

                                                                                                                            فقال : نعلم به عشية الخميس ويوم الجمعة كله ويوم السبت إلى طلوع الشمس لفضل يوم الجمعة وعظمها وعن ابن واسع أن الموتى يعلمون بزوارهم يوم الجمعة ويوما قبله ويوما بعده ، ثم قال سيدي عبد الرحمن الثعالبي قال القرطبي وقد قيل : إن الأرواح تزور قبورها كل جمعة على الدوام ولذلك تستحب زيارة القبور ليلة الجمعة ويوم الجمعة وبكرة السبت فيما ذكر العلماء - رحمة الله عليهم - وذكر ابن رشد في البيان والتحصيل وقد جاء في الأرواح أنها بأفنية القبور وأنها تطلع برؤيتها وأن أكثر إطلاعها يوم الخميس ويوم الجمعة وليلة السبت انتهى .

                                                                                                                            ثم ذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال : إذا دخلتم المقابر فاقرءوا الفاتحة والمعوذتين ، وقل هو الله أحد واجعلوا ثواب ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم ، ثم ذكر عن القرطبي من حديث علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { من مر على المقابر وقرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة ، ثم وهب أجره للأموات أعطي من الأجر بعدد الأموات } انتهى .

                                                                                                                            ثم ذكر عن القرطبي أيضا عن [ ص: 238 ] الحسن قال من دخل المقابر فقال : اللهم رب هذه الأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة أدخل عليها روحا منك وسلاما مني إلا كتب له بعددهم حسنات انتهى

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية