الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          521 - مسألة : الجمعة ، هي ظهر يوم الجمعة ، ولا يجوز أن تصلى إلا بعد الزوال ، وآخر وقتها : آخر وقت الظهر في سائر الأيام .

                                                                                                                                                                                          وروينا عن عبد الله بن سيلان قال : شهدت الجمعة مع أبي بكر الصديق فقضى صلاته وخطبته قبل نصف النهار ثم شهدت الجمعة مع عمر بن الخطاب فقضى صلاته وخطبته مع زوال الشمس .

                                                                                                                                                                                          وعن وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال : صلى بنا ابن مسعود الجمعة ضحى ، وقال : إنما عجلت بكم خشية الحر عليكم ؟ ومن طريق مالك بن أنس في موطئه عن عمه أبي سهيل بن مالك عن أبيه قال : كنت أرى طنفسة لعقيل بن أبي طالب تطرح إلى جدار المسجد الغربي ، فإذا غشى الطنفسة كلها ظل الجدار خرج عمر بن الخطاب فصلى ، ثم نرجع بعد صلاة الجمعة فنقيل قائلة الضحى ؟ قال علي : هذا يوجب أن صلاة عمر رضي الله عنه الجمعة كانت قبل الزوال ، لأن ظل الجدار ما دام في الغرب منه شيء فهو قبل الزوال ، فإذا زالت الشمس صار الظل في الجانب الشرقي ولا بد . وعن مالك عن عمرو بن يحيى المازني عن ابن أبي سليط : أن عثمان بن عفان [ ص: 245 ] صلى الجمعة بالمدينة وصلى العصر بملل قال ابن أبي سليط : وكنا نصلي الجمعة مع عثمان وننصرف وما للجدار ظل ؟ قال علي : بين المدينة ، وملل : اثنان وعشرون ميلا ، ولا يجوز ألبتة أن تزول الشمس ثم يخطب ويصلي الجمعة ثم يمشي هذه المسافة قبل اصفرار الشمس إلا من طرق طرق السرايا أو ركض ركض البريد المؤجل وبالحري أن يكون هذا ؟ وقد روينا أيضا هذا عن ابن الزبير .

                                                                                                                                                                                          وعن ابن جريج عن عطاء قال : كل عيد حين يمتد الضحى : الجمعة ، والأضحى ، والفطر ، كذلك بلغنا ؟ وعن وكيع عن شعبة عن الحكم بن عتيبة عن مجاهد قال : كل عيد فهو نصف النهار .

                                                                                                                                                                                          قال علي : أين المموهون إنهم متبعون عمل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ؟ المشنعون بخلاف الصاحب إذا خالف تقليدهم ؟ وهذا عمل أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وابن مسعود ، وابن الزبير ، وطائفة من التابعين ولكن القوم لا يبالون ما قالوا في نصر تقليدهم وأما نحن فالحجة عندنا فيما حدثناه عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا أحمد بن محمد ثنا أحمد بن علي ثنا مسلم بن الحجاج ثنا يحيى بن يحيى أنا وكيع عن يعلى بن الحارث المحاربي عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال { كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زالت الشمس ثم نرجع نتتبع الفيء } .

                                                                                                                                                                                          حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا هارون بن عبد الله ثنا يحيى بن آدم ثنا حسن بن عياش ثنا جعفر بن محمد عن أبيه عن [ ص: 246 ] جابر بن عبد الله قال { كنا نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم نرجع فنريح نواضحنا ، قلت : أي ساعة ؟ قال : زوال الشمس } .

                                                                                                                                                                                          وبه إلى أحمد بن شعيب : ثنا قتيبة بن سعيد عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة وراح فكأنما قرب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر } .

                                                                                                                                                                                          حدثنا يونس بن عبد الله ثنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم ثنا أحمد بن خالد ثنا محمد بن عبد السلام الخشني ثنا محمد بن بشار ثنا صفوان بن عيسى ثنا محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { مثل المهجر إلى الجمعة كمثل من يهدي بدنة ، ثم كمن يهدي بقرة ، ثم مثل من يهدي شاة ، ثم مثل من يهدي دجاجة ، ثم كمثل من يهدي عصفورا ، ثم كمثل من يهدي بيضة ، فإذا خرج الإمام فجلس طويت الصحف } .

                                                                                                                                                                                          وروينا نحوه من طريق الليث بن سعد عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                          قال علي : ففي هذين الحديثين - : فضل التبكير في أول النهار إلى المسجد لانتظار الجمعة ؟ وبطلان قول من منع من ذلك ، وقال : إن هذه الفضائل كلها إنما هي لساعة واحدة ، وهذا باطل ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلها ساعات متغايرات ثانية ، وثالثة ، ورابعة ، وخامسة ، فلا يحل لأحد أن يقول : إنها ساعة واحدة ؟ وأيضا - فإن درج الفضل ينقطع بخروج الإمام ، وخروجه إنما هو قبل النداء ، وهم يقولون : إن تلك الساعة مع النداء ، فظهر فساد قولهم ؟

                                                                                                                                                                                          [ ص: 247 ] وفيهما - : أن الجمعة بعد الزوال ; لأن مالكا عن سمي ذكر خمس ساعات .

                                                                                                                                                                                          وزاد محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة ، والليث عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة - : ساعة سادسة وقد ذكر أن بخروج الإمام تطوى الصحف ، فصح أن خروجه بعد الساعة السادسة ، وهو أول الزوال ، ووقت الظهر ؟ فإن قيل : " قد رويتم عن سلمة بن الأكوع { كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنرجع وما نجد للحيطان ظلا نستظل به } ؟ قلنا : نعم ، ولم ينف سلمة الظل جملة ، إنما نفى ظلا يستظلون به ، وهذا إنما يدل على قصر الخطبة ، وتعجيل الصلاة في أول الزوال ؟ وكذلك قول سهل بن سعد " وما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد صلاة الجمعة " ليس ، فيه بيان أن ذلك كان قبل الزوال ؟ وقد روينا عن ابن عباس : خرج علينا عمر حين زالت الشمس فخطب يعني ، للجمعة ؟ وعن أبي إسحاق السبيعي : شهدت علي بن أبي طالب يصلي الجمعة إذا زالت ، الشمس ؟ وفرق مالك بين آخر وقت الجمعة وبين آخر وقت الظهر ، على أنه موافق لنا في [ ص: 248 ] أن أول وقتها هو أول وقت الظهر ، وهذا قول لا دليل على صحته ، وإذ هي ظهر اليوم فلا يجوز التفريق بين آخر وقتها من أجل اختلاف الأيام - وبالله تعالى التوفيق .

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية