الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                                                                                          454 - مسألة : ونستحب لكل مصل إذا رفع رأسه من السجدة الثانية أن يجلس متمكنا ثم يقوم من ذلك الجلوس إلى الركعة الثانية والرابعة ؟ .

                                                                                                                                                                                          حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن خالد ثنا إبراهيم بن أحمد ثنا الفربري ثنا البخاري ثنا محمد بن الصباح أنا هشيم أنا خالد هو الحذاء - عن أبي قلابة أنا مالك بن الحويرث الليثي { أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ، فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعدا } .

                                                                                                                                                                                          وهو عمل طائفة من السلف - : حدثنا عبد الله بن ربيع ثنا محمد بن إسحاق بن السليم ثنا ابن الأعرابي ثنا أبو داود ثنا مسدد ثنا إسماعيل هو ابن علية - عن أيوب السختياني عن أبي قلابة { ثنا أبو سليمان مالك بن الحويرث في مسجدنا قال : إني لأصلي بكم ما أريد الصلاة ، ولكني أريد أريكم كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 40 ] قال أبو قلابة : كان يصلي مثل صلاة شيخنا هذا ، يعني عمرو بن سلمة إمامكم ، وذكر أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الثانية في الركعة الأولى قعد ثم قام } .

                                                                                                                                                                                          قال علي : عمرو هذا له صحبة ، ولأبيه صحبة ، فهو عمل طائفة من الصحابة وغيرهم معهم ؟ وروينا - عن أحمد بن حنبل : أن حماد بن زيد كان يفعل ذلك على حديث مالك بن الحويرث ، وهو قول الشافعي وأحمد ، وداود ؟ ولم ير ذلك أبو حنيفة ومالك قال علي : وهذا مما تركوا فيه عمل صاحبين لا يعرف لهما مخالف من الصحابة رضي الله عنهم ، وهم يعظمون ذلك إذا وافق تقليدهم ؟ فإن احتجوا بحديث أبي حميد - الذي نذكره بعد هذا الفصل إن شاء الله تعالى - بأنه ليس فيه هذا الجلوس ؟ قلنا لهم : لا حجة لكم في هذا ، لأنه ليس تذكر جميع السنن في كل حديث ، وإن كان لم يذكره أبو حميد فقد ذكره غيره من الصحابة ، ولم يذكر أبو حميد أنه كان لا يفعل ذلك ، فمن أقحم ذلك في حديث أبي حميد فقد كذب على أبي حميد ، وعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فرق بين من قال : لو فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم لذكر أبو حميد أنه فعله - : وبين من عارضه ، فقال : لو لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم لذكر أبو حميد أنه كان لا يفعله ؟ والعجب أنهم خالفوا حديث أبي حميد فيما ذكر فيه نصا ، كما نبين إن شاء الله تعالى ، فلم يروه حجة فيما فيه ، واحتجوا به فيما ليس فيه وهذا عجب جدا ؟ قال علي : وهذا مما تركوا فيه السنة والقياس وهم يدعون أنهم أصحاب قياس ؟ فهلا قالوا : كما لا يقوم إلى الركعة الثالثة إلا من قعود فكذلك لا يقوم إلى الثانية والرابعة [ ص: 41 ] إلا من قعود ، ولكنهم لا السنن يتبعون ، ولا القياس يحسنون - وبالله تعالى التوفيق ؟

                                                                                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                                                                                          الخدمات العلمية