الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 533 ) مسألة : قال : ( والصلاة في أول الوقت أفضل ، إلا عشاء الآخرة ، وفي شدة الحر الظهر ) . وجملته أن الأوقات ثلاثة أضرب : وقت فضيلة ، وجواز ، وضرورة . فأما وقت الجواز والضرورة ، فقد ذكرناهما ، وأما وقت الفضيلة فهذا الذي ذكره الخرقي قال أحمد : أول الوقت أعجب إلي ، إلا في صلاتين : صلاة العشاء ، وصلاة الظهر يبرد بها في الحر ، رواه الأثرم . وهكذا كان يصلي النبي صلى الله عليه وسلم قال سيار بن سلامة : دخلت أنا وأبي على أبي برزة الأسلمي فسأله أبي { : كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي المكتوبة ؟ قال : كان يصلي الهجير ، التي يدعونها الأولى ، حين تدحض الشمس ، ويصلي العصر ، ثم يرجع أحدنا إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية ونسيت ما قال في المغرب . قال : وكان يستحب أن يؤخر من العشاء التي تدعونها العتمة ، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها ، وكان ينفتل من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه ، ويقرأ بالستين إلى المائة . }

                                                                                                                                            ، وقال جابر { كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة ، والعصر والشمس نقية ، والمغرب إذا وجبت ، والعشاء أحيانا ، وأحيانا إذا رآهم اجتمعوا عجل ، وإذا رآهم قد أبطئوا أخر ، والصبح كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليها بغلس ، } متفق عليهما وقد روى الأموي ، في " المغازي " حديثا أسنده إلى عبد الرحمن بن غنم ، قال : حدثنا [ ص: 234 ] معاذ بن جبل ، قال { : لما بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ، قال : أظهر كبير الإسلام وصغيره ، وليكن من أكبرها الصلاة ، فإنها رأس الإسلام بعد الإقرار بالدين ، إذا كان الشتاء فصل صلاة الفجر في أول الفجر ، ثم أطل القراءة على قدر ما تطيق ، ولا تملهم ، وتكره إليهم أمر الله ، ثم عجل الصلاة الأولى بعد أن تميل الشمس ، وصل العصر والمغرب في الشتاء والصيف على ميقات واحد ; العصر والشمس بيضاء مرتفعة ، والمغرب حين تغيب الشمس ، وتوارى بالحجاب ، وصل العشاء فأعتم بها ، فإن الليل طويل ، فإذا كان الصيف فأسفر بالصبح ، فإن الليل قصير . وإن الناس ينامون ، فأمهلهم حتى يدركوها ، وصل الظهر بعد أن ينقص الظل وتتحرك الريح ، فإن الناس يقيلون ، فأمهلهم حتى يدركوها ، وصل العتمة فلا تعتم بها ، ولا تصلها حتى يغيب الشفق } وروى أيضا في كتابه عن عمر أنه قال : والصلاة لها وقت شرطه الله ، لا تصح الصلاة إلا به ; وقت صلاة الفجر حين يزايل الرجل أهله ويحرم على الصائم الطعام والشراب ، فأعطوها نصيبها من القراءة ، ووقت صلاة الظهر إذا كان القيظ واشتد الحر ، حين يكون ظلك مثلك ، وذلك حين يهجر المهجر وذلك لئلا يرقد عن الصلاة ، فإذا كان في الشتاء فحين تزيغ عن الفلك حتى تكون على حاجبك الأيمن ، والعصر والشمس بيضاء نقية قبل أن تصفر ، والمغرب حين يفطر الصائم ، والعشاء حين يغسق الليل ، وتذهب حمرة الأفق إلى أن يذهب ثلث الليل الأول ، من نام عنها بعد ذلك فلا أرقد الله عينه . هذه مواقيت الصلاة { إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا }

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية