الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وكذا إسلام البائع ليس بشرط لانعقاد البيع ولا لنفاذه ولا لصحته بالإجماع ، فيجوز بيع الكافر وشراؤه : وقال الشافعي إسلام المشتري شرط جواز شراء الرقيق المسلم والمصحف ، حتى لا يجوز ذلك من الكافر .

                                                                                                                                ( وجه ) قوله أن في تملك الكافر المسلم إذلالا بالمسلم ، وهذا لا يجوز ولهذا يجبر على بيعه عندكم ، ولنا عمومات البيع من غير فصل بين بيع العبد المسلم من المسلم ، وبين بيعه من الكافر فهو على العموم ، إلا حيث ما خص بدليل ; ولأن الثابت للكافر بالشراء ليس إلا الملك في المسلم والكافر من أهل أن يثبت الملك له على المسلم ، ألا ترى أن الكافر يرث العبد المسلم من أبيه ؟ ، وكذا إذا كان له عبد كافر فأسلم بقي ملكه فيه ، وهو في الحقيقة ملك مبتدأ ; لأن الملك عرض لا بقاء له فدل أن الكافر من أهل ثبوت الملك له في المسلم ، وقوله فيه إذلال بالمسلم ، قلنا : الملك عندنا لا يظهر فيما فيه إذلال بالمسلم ، فإنه لا يظهر في حق الاستخدام والوطء والاستمتاع بالجارية المسلمة ، وإنما يظهر فيما لا ذل فيه من الإعتاق والتدبير والكتابة والبيع ، وبه تبين أن الجبر على البيع ليس لدفع الذل ، إذ لا ذل على ما بينا ، ولكن لاحتمال وجود فعل لا يحل ذلك في الإسلام لعداوة بين المسلم والكافر .

                                                                                                                                وإذا جاز شراء الذمي العبد المسلم ، فيجوز إعتاقه وتدبيره واستيلاده وكتابته ; لأن جواز هذه التصرفات مبني على الملك ، وقد وجد إلا أنه إذا دبره يسعى العبد في قيمته ; لأنه لا سبيل إلى إبقائه على ملكه ، ولا سبيل إلى الإزالة بالبيع ; لأنه بيع المدبر ; وأنه لا يجوز فتعينت الإزالة بالسعاية ، وكذا إذا كانت أمة فاستولدها ; فإنها تسعى في قيمتها لما قلنا ، ويوجع الذمي ضربا لوطئه المسلمة ; لأنه حرام عليه ، فيستحق التعزير ، وإذا كاتبه لا يعترض عليه ; لأنه أزال يده عنه ، حتى لو عجز ورد في الرق يجبر على بيعه ، وكذا الذمي إذا ملك شقصا فالحكم في البعض كالحكم في الكل ، ولو اشتراه مسلم من الكافر شراء فاسدا ; فإنه يجبر على الرد ; لأن رد الفساد واجب حقا للشرع ، ثم يجبر الكافر على بيعه والله - سبحانه وتعالى - أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية