الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 3835 ] باب الكرامات

الفصل الأول

5944 - عن أنس - رضي الله عنه - أن أسيد بن حضير وعباد بن بشر تحدثا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجة لهما ، حتى ذهب من الليل ساعة ، في ليلة شديدة الظلمة ، ثم خرجا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينقلبان ، وبيد كل واحد منهما عصية ، فأضاءت عصا أحدهما لهما حتى مشيا في ضوئها ، حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت للآخر عصاه ، فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ أهله ، رواه البخاري .

التالي السابق


[ 8 ] باب الكرامات

الكرامات ، جمع كرامة وهي اسم من الإكرام والتكريم ، وهي فعل خارق للعادة غير مقرون بالتحدي ، وقد اعترف بها أهل السنة ، وأنكرها المعتزلة ، واحتج أهل السنة بحدوث الحبل لمريم من غير فحل ، وحصول الرزق عندها من غير سبب ظاهر ، وأيضا ففي قصة أصحاب الكهف في الغار ثلاثمائة سنة وأزيد في النوم أحياء من غير آفة دليل ظاهر ، وكذا في إحضار آصف بن برخيا عرش بلقيس قبل ارتداد الطرف حجة واضحة ، وأما المعتزلة فتعلقوا بأنه لو جاز ظهور الخارق في حق الولي لخرج الخارق عن كونه دليلا على النبوة ، وأجيب : بأنه تمتاز المعجزة عن الكرامة باشتراط الدعوى في المعجزة وعدم اشتراطها في الكرامة ، بل في الحقيقة كرامة كل ولي معجزة لنبيه لدلالتها على حقيقة متبوعة ، وأما قول ابن الملك وبقدرة الأنبياء عليها متى أرادوها ليسهل عليهم تمهيد الأديان والشرائع ، ففيه نظر ظاهر .

الفصل الأول

5944 - ( عن أنس - رضي الله عنه - أن أسيد بن حضير : بالتصغير فيهما . قال المؤلف : أنصاري أوسي ، كان ممن شهد العقبة وشهد بدرا وما بعدها من المشاهد ، روى عنه جماعة من الصحابة ، مات بالمدينة سنة عشرين ودفن بالبقيع ، ( وعباد ) : بفتح العين وتشديد الموحدة ( ابن بشر ) : بكسر فسكون أنصاري أسلم بالمدينة قبل إسلام سعد بن معاذ شهد بدرا وأحدا والمشاهد كلها ، وكان فيمن قتل كعب بن الأشرف اليهودي ، وكان من فضلاء الصحابة ، روى عنه أنس بن مالك ، وعبد الرحمن بن ثابت ، وقتل يوم اليمامة وله خمس وأربعون سنة . ( تحدثا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في حاجة لهما ، حتى ذهب ساعة من الليل ) ، أي طويلة ( في ليلة شديدة الظلمة ، ثم خرجا ) ، أي : انصرفا ( من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينقلبان ) ، أي حال كونهما يرجعان ( إلى بيتهما ، وبيد كل واحد منهما عصية ) ، تصغير عصاة ( فأضاءت عصاة أحدهما لهما ) : والأظهر أن يكون هو أسبقهما إسلاما وهو المقدم ذكرا ( حتى مشيا في ضوئها ، حتى إذا افترقت بهما الطريق أضاءت للآخر عصاه ، فمشى كل واحد منهما في ضوء عصاه حتى بلغ ) ، أي : وصل كل واحد ( أهله ، رواه البخاري ) . قال ميرك : ليس الحديث في البخاري بهذا اللفظ ، بل فيه عن أنس أن رجلين كانا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - خرجا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة ، ومعهما مثل المصباحين يضيئان بين أيديهما ، فلما افترقا صار مع كل واحد منهما واحد حتى أتى أهله ، وأخرجه في آخر باب علامات النبوة في الإسلام .

وأخرج في كتاب مناقب الأنصار في باب مناقب أسيد بن حضير وعبادة بن بشر بلفظ : إن رجلين خرجا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في ليلة مظلمة ، فإذا نور بين أيديهما حتى افترقا ، فافترق النور معهما . وقال معمر عن ثابت عن أنس : إن أسيد بن حضير ، ورجلا من الأنصار . وقال حماد : أخبرنا ثابت عن أنس قال : كان أسيد بن حضير وعبادة بن بشر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا ما في صحيح البخاري ، وقد رواه محيى السنة في شرح السنة من طريق البخاري باللفظ الأول ، ثم رواه بإسناد آخر باللفظ الذي أورده صاحب المشكاة فتأمل ، ويفهم من كلام الشيخ ابن حجر العسقلاني أن اللفظ الذي أورده المصابيح والمشكاة ، أخرجه عبد الرزاق في مصنفه من طريق الإسماعيلي في مستخرجه ، ورواه أحمد في مسنده ، والحاكم في مستدركه بنحوه ، والله أعلم .

[ ص: 3836 ]



الخدمات العلمية