الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            1691 - قتل علي عمرو بن عبد ود رأس الكفار

                                                                                            4385 - حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير ، عن ابن إسحاق قال : كان عمرو بن عبد ود ثالث قريش ، وكان قد قاتل يوم بدر حتى أثبتته الجراحة ، ولم يشهد أحدا ، فلما كان يوم الخندق خرج معلما ليرى مشهده ، فلما وقف هو وخيله قال له علي : يا عمرو قد كنت تعاهد الله لقريش أن لا يدعو رجل إلى خلتين إلا قبلت منه أحدهما ، فقال عمرو : أجل ، فقال له علي رضي الله عنه : فإني أدعوك إلى الله عز وجل وإلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم والإسلام ، فقال : لا حاجة لي في ذلك قال : فإني أدعوك إلى البراز قال : يا ابن أخي ، لم ؟ فوالله ما أحب أن أقتلك ، فقال علي : لكني أحب أن أقتلك ، فحمي عمرو فاقتحم عن فرسه فعقره ، ثم أقبل فجاء إلى علي ، وقال : من يبارز ؟ فقام علي وهو مقنع في الحديد ، فقال : أنا له يا نبي الله ، فقال : إنه عمرو بن عبد ود اجلس ، فنادى عمرو : ألا رجل ؟ " فأذن له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " فمشى إليه علي رضي الله عنه وهو يقول :


                                                                                            لا تعجلن فقد أتا ك مجيب صوتك غير عاجز     ذو نبهة وبصيرة
                                                                                            والصدق منجى كل فائز     إني لأرجو أن أقيم
                                                                                            عليك نائحة الجنائز     من ضربة نجلاء
                                                                                            يبقى ذكرها عند الهزاهز



                                                                                            فقال له عمرو : من أنت ؟ قال : أنا علي قال : ابن من ؟ قال : ابن عبد مناف ، أنا [ ص: 575 ] علي بن أبي طالب ، فقال : عندك يا ابن أخي من أعمامك من هو أسن منك فانصرف فإني أكره أن أهريق دمك ، فقال علي : لكني والله ما أكره أن أهريق دمك ، فغضب ، فنزل فسل سيفه كأنه شعلة نار ، ثم أقبل نحو علي مغضبا واستقبله علي بدرقته فضربه عمرو في الدرقة فقدها ، وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه ، وضربه علي رضي الله عنه على حبل العاتق ، فسقط وثار العجاج ، فسمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التكبير ، فعرف أن عليا قتله ، فثم يقول علي رضي الله تعالى عنه :


                                                                                            أعلي يقتحم الفوارس هكذا     عني وعنهم أخروا أصحابي
                                                                                            اليوم يمنعني الفرار حفيظتي     ومصمم في الرأس ليس بنابي
                                                                                            إلا ابن عبد حين شد إليه     وحلفت فاستمعوا من الكتاب
                                                                                            إني لأصدق من يهلل بالتقى     رجلان يضربان كل ضراب
                                                                                            فصدرت حين تركته متجدلا     كالجذع بين دكادك وروابي
                                                                                            وعففت عن أثوابه ولو أنني     كنت المقطر يزن [ . . . ] أثوابي
                                                                                            عبد الحجارة من سفاهة عقله     وعبدت رب محمد بصواب



                                                                                            ثم أقبل علي رضي الله عنه نحو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ووجهه يتهلل ، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : هلا أسلبته درعه فليس للعرب درعا خيرا منها ، فقال : ضربته فاتقاني بسوءته واستحييت ابن عمي أن أستلبه وخرجت خيله منهزمة حتى أقحمت من الخندق
                                                                                            .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية