الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ونعم أجر العاملين قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء والله لا يحب الظالمين وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ) [ ص: 56 ] الكظم : الإمساك على غيظ وغم . والكظيم : الممتلئ أسفا ، وهو المكظوم . وقال عبد المطلب :


فحضضت قومي واحتسبت قتالهم والقوم من خوف المنايا كظم



وكظم الغيظ رده في الجوف إذا كان يخرج من كثرته ، فضبطه ومنعه كظم له . ويقال : كظم القربة إذا شدها وهي ملأى . والكظام : السير الذي يشد به فمها . وكظم البعير جرته : ردها في جوفه ، أو حبسها قبل أن يرسلها إلى فيه . ويقال : كظم البعير والناقة ، إذا لم يجترا ، ومنه قول الراعي :


فأفضن بعد كظومهن بجرة     من ذي الأباطح إذ رعين حقيلا



الحقيل : موضع ، والحقيل أيضا نبت . ويقال : لا تمنع الإبل جرتها إلا عند الجهد والفزع ، فلا تجتر . ومنه قول أعشى باهلة يصف نحار الإبل :


قد تكظم البزل منه حين تبصره     حتى تقطع في أجوافها الجرر



الإصرار : اعتزام الدوام على الأمر . وترك الإقلاع عنه ، من صر الدنانير ربط عليها . وقال أبو السمال :


علــم الله أنهــا منــي صــرى



أي : عزيمة . وقال الحطيئة يصف الخيل :


عوابس بالشعث الكماة إذا ابتغوا     علاليها بالمحضرات أصرت



أي ثبتت على عدوها . وقال آخر :


يصر بالليل ما تخفى شواكله     يا ويح كل مصر القلب ختار



السنة : الطريقة . وقال المفضل : الأمة ، وأنشد :


ما عاين الناس من فضل كفضلكم     ولا رأوا مثله في سالف السنن



وسنة الإنسان : الشيء الذي يعمله ويواليه ، كقول خالد الهذلي لأبي ذؤيب :


فلا تجزعن من سنة أنت سرتها     فأول راض سنة من يسيرها

وقال سليمان بن قتيبة :


وإن الألى بألطف من آل هاشم     تأسوا فسنوا للكرام التأسيا

وقال لبيد :


من أمة سنت لهم آباؤهم     ولكل قوم سنة وإمامها

وقال الخليل : سن الشيء : صوره . والمسنون المصور ، وسن عليهم شرا : صبه ، والماء والدرع صبهما . واشتقاق السنة يجوز أن يكون من أحد هذين المعنيين ، أو من سن السنان والنصل : حدهما على المسن ، أو من سن الإبل : إذا أحسن رعيها . السير في الأرض : الذهاب .

وهن الشيء : ضعف ، ووهنه الشيء : أضعفه . يكون متعديا ولازما . وفي الحديث : " وهنتهم حمى يثرب " والوهن : الضعف . وقال زهير :


فـأصبح الحبـل منهـا واهنـا خلقـا



القرح والقرح لغتان ، كالضعف والضعف ، والكره والكره ، الفتح لغة الحجاز وهو الجرح . قال حندج :


وبدلت قرحا داميا بعد صحة     لعل منايانا تحولن أبؤسا

وقال الأخفش : هما مصدران . ومن قال : القرح بالفتح الجرح ، وبالضم المدة ، فيحتاج في ذلك إلى صحة نقل عن العرب . وأصل الكلمة الخلوص ، ومنه : ماء قراح لا كدورة فيه ، وأرض قراح خالصة الطين ، [ ص: 57 ] وقريحة الرجل خالصة طبعه .

المداولة : المعاودة ، وهي المعاهدة مرة بعد مرة . يقال : داولت بينهم الشيء فتداولوه . قال :


يرد المياه فلا يزال مداولا     في الناس بين تمثل وسماع



وأدلته : جعلت له دولة وتصريفا ، والدولة بالضم المصدر ، وبالفتح الفعلة الواحدة ؛ فلذلك يقال : في دولة فلان ؛ لأنها مرة في الدهر . والدور والدول متقاربان ، لكن الدور أعم . فإن الدولة لا تقال إلا في الحظ الدنيوي .

المحص كالفحص ، لكن الفحص يقال في إبراز الشيء عن خلال أشياء منفصلة عنه . والمحص عن إبرازه عن أشياء متصلة به . قال الخليل : التمحيص التخليص عن العيوب ، ويقال : محص الحبل إذا زال عنه - بكثرة مره على اليد زئبره وأملس ، هكذا ساق الزجاج اللفظة الحبل . ورواها النقاش : محص الجمل إذا زال عنه وبره وأملس . وقال حنيف الحناتم : وقد ورد ماء اسمه طويلع ، إنك لمحص الرشاء ، بعيد المستقى ، مطل على الأعداء . المعنى : أنه لبعده يملس حبله بمر الأيدي .

التالي السابق


الخدمات العلمية