الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 68 ] عبد الرحمن بن عوف ( ع )

                                                                                      ابن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ، أبو محمد .

                                                                                      أحد العشرة ، وأحد الستة أهل الشورى ، وأحد السابقين البدريين ، القرشي الزهري . وهو أحد الثمانية الذين بادروا إلى الإسلام .

                                                                                      له عدة أحاديث .

                                                                                      روى عنه ابن عباس ، وابن عمر ، وأنس بن مالك ، وبنوه : إبراهيم ، وحميد ، وأبو سلمة ، وعمرو ، ومصعب بنو عبد الرحمن ، ومالك بن أوس ، وطائفة سواهم . له في " الصحيحين " حديثان . وانفرد له البخاري بخمسة [ ص: 69 ] أحاديث . ومجموع ما له في " مسند بقي " خمسة وستون حديثا .

                                                                                      وكان اسمه في الجاهلية عبد عمرو ، وقيل عبد الكعبة ، فسماه النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن .

                                                                                      وحدث عنه أيضا من الصحابة : جبير بن مطعم ، وجابر بن عبد الله ، والمسور بن مخرمة ، وعبد الله بن عامر بن ربيعة .

                                                                                      وقدم الجابية مع عمر فكان على الميمنة ، وكان في نوبة سرغ على الميسرة .

                                                                                      أخبرنا محمد بن حازم بن حامد ، ومحمد بن علي بن فضل ، قالا : أنبأنا أبو القاسم بن صصرى ، أنبأنا أبو القاسم بن البن الأسدي ( ح ) وأنبأنا محمد بن علي السلمي ، وأحمد بن عبد الرحمن الصوري ، قالا : أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله التغلبي ، أنبأنا أبو القاسم بن البن ، ونصر بن أحمد السوسي ، قالا : أنبأنا علي بن محمد بن علي الفقيه ، أنبأنا أبو منصور محمد ، وأبو عبد الله أحمد ، أنبأنا الحسين بن سهل بن الصباح ، ببلد في ربيع الآخر سنة سبع وعشرين وأربع مائة ، قالا : حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن أحمد الإمام ، حدثنا علي بن حرب الطائي ، حدثنا سفيان بن عيينة ، عن عمرو بن دينار ، سمع بجالة يقول : كنت كاتبا لجزء بن معاوية ، عم الأحنف بن قيس ، فأتانا كتاب عمر قبل موته بسنة ، أن اقتلوا كل ساحر وساحرة ، وفرقوا [ ص: 70 ] بين كل ذي محرم من المجوس ، وانهوهم عن الزمزمة . فقتلنا ثلاث سواحر ، وجعلنا نفرق بين الرجل وحريمته في كتاب الله . وصنع لهم طعاما كثيرا ، ودعا المجوس ، وعرض السيف على فخذه ، وألقى وقر بغل أو بغلين من ورق ، وأكلوا بغير زمزمة . ولم يكن عمر أخذ الجزية من المجوس ، حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذها من مجوس هجر .

                                                                                      هذا حديث غريب مخرج في صحيح البخاري ، وسنن أبي داود ، والنسائي ، والترمذي من طريق سفيان ، فوقع لنا بدلا . ورواه حجاج بن أرطاة عن عمرو مختصرا ، وروى منه أخذ الجزية من المجوس أبو داود عن الثقة ، عن يحيى بن حسان ، عن هشيم ، عن داود بن أبي هند ، عن قشير بن عمرو ، عن بجالة بن عبدة ، عن ابن عباس ، عن ابن عوف .

                                                                                      أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد العلوي ، أنبأنا محمد بن أحمد القطيعي ، أنبأنا محمد بن عبيد الله المجلد ( ح ) وأنبأنا أحمد بن إسحاق الزاهد ، أنبأنا أبو نصر عمر بن محمد التيمي ، أنبأنا هبة الله بن أحمد الشبلي ، قالا : أنبأنا محمد بن محمد الهاشمي أنبأنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا عبد الله البغوي ، حدثنا أبو نصر التمار ، حدثنا القاسم بن فضل الحداني عن النضر بن شيبان قال : قلت لأبي سلمة : حدثني بشيء سمعته من أبيك يحدث به عن [ ص: 71 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : حدثني أبي في شهر رمضان قال :

                                                                                      قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " فرض الله عليكم شهر رمضان ، وسننت لكم قيامه ، فمن صامه وقامه إيمانا واحتسابا ، خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه " .

                                                                                      هذا حديث حسن غريب . أخرجه النسائي ، عن ابن راهويه ، عن النضر بن شميل . وابن ماجه ، عن يحيى بن حكيم ، عن أبي داود الطيالسي . جميعا عن الحداني . قال النسائي : الصواب حديث الزهري عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة .

                                                                                      أخبرنا محمد بن عبد السلام العصروني أنبأنا عبد المعز بن محمد الهروي ، أنبأنا تميم الجرجاني ، أنبأنا محمد بن عبد الرحمن النيسابوري ، أنبأنا محمد بن أحمد الحيري ، أنبأنا أحمد بن علي الموصلي ، حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا يعقوب بن إبراهيم ، حدثنا أبي ، عن ابن إسحاق ، حدثني مكحول ، عن كريب ، عن ابن عباس قال : جلسنا مع عمر ، فقال : هل [ ص: 72 ] سمعت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئا أمر به المرء المسلم إذا سها في صلاته ، كيف يصنع ؟ فقلت : لا والله ، أوما سمعت أنت يا أمير المؤمنين من رسول الله في ذلك شيئا ؟ فقال : لا والله . فبينا نحن في ذلك أتى عبد الرحمن بن عوف فقال : فيم أنتما ؟ فقال عمر : سألته ، فأخبره . فقال له عبد الرحمن : لكني قد سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر في ذلك . فقال له عمر : فأنت عندنا عدل ، فماذا سمعت ؟ قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إذا سها أحدكم في صلاته حتى لا يدري أزاد أم نقص ، فإن كان شك في الواحدة والثنتين ، فليجعلها واحدة ، وإذا شك في الثنتين أو الثلاث ، فليجعلها ثنتين ، وإذا شك في الثلاث والأربع ، فليجعلها ثلاثا حتى يكون الوهم في الزيادة ، ثم يسجد سجدتين ، وهو جالس ، قبل أن يسلم ، ثم يسلم " .

                                                                                      هذا حديث حسن ، صححه الترمذي ، ورواه عن بندار عن محمد بن خالد بن عثمة ، عن إبراهيم بن سعد ، فطريقنا أعلى بدرجة . ورواه الحافظ ابن عساكر في صدر ترجمة ابن عوف وفيه : فقال : فحدثنا ، فأنت عندنا العدل الرضا . [ ص: 73 ] فأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإن كانوا عدولا فبعضهم أعدل من بعض وأثبت . فهنا عمر قنع بخبر عبد الرحمن ، وفي قصة الاستئذان يقول : ائت بمن يشهد معك ، وعلي بن أبي طالب يقول : كان إذا حدثني رجل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استحلفته ، وحدثني أبو بكر ، وصدق أبو بكر . فلم يحتج على أن يستحلف الصديق ، والله أعلم .

                                                                                      [ ص: 74 ] قال المدائني : ولد عبد الرحمن بعد عام الفيل بعشر سنين .

                                                                                      وقال الزبير : ولد الحارث بن زهرة عبدا ، وعبد الله ، وأمهما قيلة . ومن ولد عبد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد .

                                                                                      وكذا نسبه ابن إسحاق ، وابن سعد ، وأسقط البخاري والفسوي عبدا من نسبه ، وقاله قبلهما عروة ، والزهري .

                                                                                      وقال الهيثم الشاشي وأبو نصر الكلاباذي وغيرهما : عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة .

                                                                                      وأم عبد الرحمن هي الشفاء بنت عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة . قاله جماعة . وقال أبو أحمد الحاكم : أمه صفية بنت عبد مناف بن زهرة بن كلاب . ويقال : الشفاء بنت عوف .

                                                                                      إبراهيم بن سعد : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف قال : كان اسمي عبد عمرو ، فلما أسلمت ، سماني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الرحمن .

                                                                                      إبراهيم بن المنذر : حدثنا عبد العزيز بن أبي ثابت ، عن سعيد بن زياد ، [ ص: 75 ] عن حسن بن عمر ، عن سهلة بنت عاصم قالت : كان عبد الرحمن بن عوف أبيض ، أعين ، أهدب الأشفار ، أقنى ، طويل النابين الأعليين ، ربما أدمى نابه شفته ، له جمة أسفل من أذنيه ، أعنق ، ضخم الكتفين .

                                                                                      وروى زياد البكائي عن ابن إسحاق قال : كان ساقط الثنيتين ، أهتم ، أعسر ، أعرج . كان أصيب يوم أحد فهتم ، وجرح عشرين جراحة ، بعضها في رجله ، فعرج .

                                                                                      الواقدي : حدثنا عبد الله بن جعفر ، عن يعقوب بن عتبة قال : وكان عبد الرحمن رجلا طوالا ، حسن الوجه ، رقيق البشرة ، فيه جنأ ، أبيض ، مشربا حمرة ، لا يغير شيبه .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية