الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه

                                                                                                                2404 حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وأبو جعفر محمد بن الصباح وعبيد الله القواريري وسريج بن يونس كلهم عن يوسف بن الماجشون واللفظ لابن الصباح حدثنا يوسف أبو سلمة الماجشون حدثنا محمد بن المنكدر عن سعيد بن المسيب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي قال سعيد فأحببت أن أشافه بها سعدا فلقيت سعدا فحدثته بما حدثني عامر فقال أنا سمعته فقلت آنت سمعته فوضع إصبعيه على أذنيه فقال نعم وإلا فاستكتا

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                قوله : ( عن يوسف بن الماجشون ) وفي بعض النسخ : ( يوسف الماجشون ) بحذف لفظة ( ابن ) ، وكلاهما صحيح ، وهو أبو سلمة يوسف بن يعقوب بن عبد الله بن أبي سلمة ، واسم أبي سلمة دينار ، والماجشون لقب يعقوب ، وهو لقب جرى عليه وعلى أولاده وأولاد أخيه ، وهو بكسر الجيم ، وضم الشين المعجمة ، وهو لفظ فارسي ، ومعناه الأحمر الأبيض المورد ، سمي يعقوب بذلك لحمرة وجهه وبياضه .

                                                                                                                [ ص: 50 ] قوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه : ( أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) قال القاضي : هذا الحديث مما تعلقت به الروافض والإمامية وسائر فرق الشيعة في أن الخلافة كانت حقا لعلي ، وأنه وصى له بها .

                                                                                                                قال : ثم اختلف هؤلاء ، فكفرت الروافض سائر الصحابة في تقديمهم غيره ، وزاد بعضهم فكفر عليا لأنه لم يقم في طلب حقه بزعمهم ، وهؤلاء أسخف مذهبا وأفسد عقلا من أن يرد قولهم ، أو يناظر .

                                                                                                                وقال القاضي : ولا شك في كفر من قال هذا ؛ لأن من كفر الأمة كلها والصدر الأول فقد أبطل نقل الشريعة ، وهدم الإسلام ، وأما من عدا هؤلاء الغلاة فإنهم لا يسلكون هذا المسلك .

                                                                                                                فأما الإمامية وبعض المعتزلة فيقولون : هم مخطئون في تقديم غيره لا كفار . وبعض المعتزلة لا يقول بالتخطئة لجواز تقديم المفضول عندهم . وهذا الحديث لا حجة فيه لأحد منهم ، بل فيه إثبات فضيلة لعلي ، ولا تعرض فيه لكونه أفضل من غيره أو مثله ، وليس فيه دلالة لاستخلافه بعده ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال هذا لعلي حين استخلفه في المدينة في غزوة تبوك ، ويؤيد هذا أن هارون المشبه به لم يكن خليفة بعد موسى ، بل توفي في حياة موسى ، وقبل وفاة موسى بنحو أربعين سنة على ما هو مشهور عند أهل الأخبار والقصص .

                                                                                                                قالوا : وإنما استخلفه حين ذهب لميقات ربه للمناجاة . والله أعلم .

                                                                                                                قال العلماء : وفي هذا الحديث دليل على أن عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم إذا نزل في آخر الزمان نزل [ ص: 551 ] حكما من حكام هذه الأمة ، يحكم بشريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ولا ينزل نبيا ، وقد سبقت الأحاديث المصرحة بما ذكرناه في كتاب الإيمان .

                                                                                                                قوله : ( فوضع إصبعيه على أذنيه فقال : نعم ، وإلا فاستكتا ) هو بتشديد الكاف أي صمتا .




                                                                                                                الخدمات العلمية