الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب علامة حب الله عز وجل لقوله إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله

                                                                                                                                                                                                        5816 حدثنا بشر بن خالد حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن سليمان عن أبي وائل عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال المرء مع من أحب

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب علامة الحب في الله لقوله - تعالى - : إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ) ذكر فيه حديث المرء مع من أحب قال الكرماني : يحتمل أن يكون المراد بالترجمة محبة الله للعبد ، أو محبة العبد لله ، أو المحبة بين العباد في ذات الله بحيث لا يشوبها شيء من الرياء ، والآية مساعدة للأولين ، واتباع الرسول علامة للأولى لأنها مسببة للاتباع ، وللثانية لأنها سببه انتهى . ولم يتعرض لمطابقة الحديث للترجمة . وقد توقف فيه غير واحد . والمشكل منه جعل ذلك علامة الحب في الله ، وكأنه محمول على الاحتمال الثاني الذي أبداه الكرماني ، وأن المراد علامة حب العبد لله ، فدلت الآية أنها لا تحصل إلا باتباع الرسول ، ودل الخبر على أن اتباع الرسول وإن كان الأصل أنه لا يحصل إلا بامتثال جميع ما أمر به أنه قد يحصل من طريق التفضل باعتقاد ذلك وإن لم يحصل استيفاء العمل بمقتضاه ، بل محبة من يعمل ذلك كافية في حصول أصل النجاة ، والكون مع العاملين بذلك لأن محبتهم إنما هي لأجل طاعتهم . والمحبة من أعمال القلوب فأثاب الله محبهم على معتقده ، إذ النية هي الأصل والعمل تابع لها ، وليس من لازم المعية الاستواء في الدرجات . وقد اختلف في سبب نزول الآية : فأخرج ابن أبي [ ص: 574 ] حاتم عن الحسن البصري قال : كان قوم يزعمون أنهم يحبون الله ، فأراد الله أن يجعل لقولهم تصديقا من عمل فأنزل الله هذه الآية . وذكر الكلبي في تفسيره عن ابن عباس أنها نزلت حين قال اليهود نحن أبناء الله وأحباؤه وفي تفسير محمد بن إسحاق عن محمد بن جعفر بن الزبير : نزلت في نصارى نجران ، قالوا : إنما نعبد المسيح حبا لله وتعظيما له . وفي تفسير الضحاك عن ابن عباس أنها نزلت في قريش ، قالوا : إنما نعبد الأصنام حبا لله لتقربنا إليه زلفى فنزلت .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( شعبة عن سليمان ) هو الأعمش . وفي رواية أبي داود الطيالسي " عن شعبة عن الأعمش " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( عن أبي وائل ) في رواية الطيالسي " عن شعبة عن الأعمش سمع أبا وائل " وكذا في رواية عمرو بن مرزوق " عن شعبة عن الأعمش سمعت أبا وائل " .

                                                                                                                                                                                                        قوله ( عن عبد الله ) هكذا رواه أصحاب شعبة فقالوا " عن عبد الله " ولم ينسبوه منهم ابن أبي عدي عند مسلم وأبو داود الطيالسي عند أبي عوانة وعمرو بن مرزوق عند أبي نعيم وأبو عامر العقدي ووهب بن جرير عند الإسماعيلي ، وحكى الإسماعيلي عن بندار أنه عبد الله بن قيس أبو موسى الأشعري ، واستدل برواية سفيان الثوري عن الأعمش الآتية عقب هذا ، وسيأتي ما يؤيده ، ولكن صنيع البخاري يقتضي أنه كان عند أبي وائل عن ابن مسعود وعن أبي موسى جميعا وأن الطريقين صحيحان لأنه بين الاختلاف في ذلك ولم يرجح ، ولذا ذكر أبو عوانة في صحيحه عن عثمان بن أبي شيبة أن الطريقين صحيحان . قلت : ويؤيد ذلك أن له عند ابن مسعود أصلا ، فقد أخرج أبو نعيم في " كتاب المحبين " من طريق عطية عن أبي سعيد قال " أتيت أنا وأخي عبد الله بن مسعود فقال : سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - " فذكر الحديث ، وأخرجه أيضا من طريق مسروق عن عبد الله به .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية