الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              479 (26) باب

                                                                                              قدر الماء الذي يغتسل به ويتوضأ به

                                                                                              واغتسال الرجل وامرأته من إناء واحد ، واغتساله بفضلها

                                                                                              [ 249 ] عن عائشة ; أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يغتسل من إناء - هو الفرق - من الجنابة . قال سفيان : الفرق ثلاثة آصع .

                                                                                              رواه أحمد ( 6 \ 161 ) ، والبخاري ( 250 ) ، ومسلم ( 319 ) ، وأبو داود ( 238 ) ، والنسائي ( 1 \ 127 ) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              (26) ومن باب قدر الماء

                                                                                              (قوله : " من إناء هو الفرق ") يقال : بفتح الراء وسكونها ، حكاهما ابن دريد ، وتقديره بثلاثة آصع ، وهو قول الجمهور ، وقال أبو الهيثم : هو إناء يأخذ ستة عشر رطلا ، وقال غيره : هو إناء ضخم من مكاييل العراق ، وقيل : هو مكيال أهل المدينة .

                                                                                              و ( قول سفيان : " ثلاثة آصع " ) يروى هكذا . ويروى : " أصوع " ، وكلاهما صحيح الرواية ، وهو جمع صاع ، ويقال : صواع وصوع ، وهو جمع قلة ، وأصله أصوع ، بواو مضمومة ، كدار وأدور ، غير أن من العرب من يستثقل الضمة هنا على [ ص: 581 ] الواو فيبدلها همزة ، فيقول : أصؤع ، كما يقول أدؤر ، وهو مكيال أهل المدينة المعروف فيهم ، وهو يسع أربعة أمداد ، بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                              والمكوك ، بفتح الميم وتشديد الكاف ، وهو مكيال ، وهو ثلاث كيلجات ، والكيلجة : منا وسبعة أثمان منا ، والمنا : رطلان ، والرطل : اثنتا عشرة أوقية ، والأوقية : إستار وثلثا إستار ، والإستار : أربعة مثاقيل ونصف ، والمثقال : درهم وثلاثة أسباع درهم ، والدرهم : ستة دوانق ، والدانق : قيراطان ، والقيراط : طسوجان ، والطسوج : حبتان ، والحبة : سدس ثمن درهم ، وهو جزء من ثمانية وأربعين جزءا من درهم . والجمع مكاكيك ، كله من " الصحاح " ، وفي غيرها ، وتجمع أيضا : مكاكي ، وهو مكيال لأهل العراق ، يسع صاعا ونصف صاع بالمدني .

                                                                                              قال الشيخ : والصحيح : أن المكوك في حديث أنس المراد به المد ; بدليل الرواية الأخرى فيه أيضا : " كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ بالمد ، ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد " .

                                                                                              تنبيه : اعلم أن اختلاف هذه المقادير ، وهذه الأواني ، يدل على أنه - عليه الصلاة والسلام - لم يكن يراعي مقدارا مؤقتا ، ولا إناء مخصوصا ، لا في الوضوء ولا في الغسل ، وأن كل ذلك بحسب الإمكان والحاجة ، ألا ترى أنه تارة اغتسل بالفرق أو منه ، وأخرى بالصاع ، وأخرى بثلاثة أمداد .

                                                                                              والحاصل : أن المطلوب إسباغ الوضوء والغسل من غير إسراف في الماء ، وأن ذلك بحسب أحوال المغتسلين . وقد ذهب ابن شعبان : إلى أنه لا يجزئ في ذلك أقل من مد في الوضوء ، وصاع في الغسل . وحديث الثلاثة الأمداد يرد عليه ، والصحيح الأول .




                                                                                              الخدمات العلمية