الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه

لقيام الشبهة لحديث " { ادرءوا الحدود بالشبهات ما استطعتم } . ( الشبهة ما يشبه ) الشيء ( الثابت وليس بثابت ) في نفس الأمر ( وهي ثلاثة أنواع : شبهة ) حكمية ( في المحل [ ص: 19 ] وشبهة ) اشتباه ( في الفعل ، وشبهة في العقد ) والتحقيق دخول هذه في الأوليين وسنحققه ( فإن ادعاها ) أي الشبهة ( وبرهن قبل ) برهانه ( وسقط الحد وكذا يسقط ) أيضا ( بمجرد دعواها إلا في ) دعوى ( لإكراه ) خاصة ( فلا بد من البرهان ) لأنه دعوى بفعل الغير فيلزم ثبوته بحر

التالي السابق


باب الوطء الذي يوجب الحد والذي لا يوجبه ( قوله لقيام الشبهة ) علة لقوله لا يوجبه ( قوله لحديث ) علة لما فهم من العلة الأولى ، وهو أن الحد لا يثبت عند قيام الشبهة . وطعن بعض الظاهرية في الحديث بأنه لم يثبت مرفوعا . والجواب أن له حكم الرفع ; لأن إسقاط الواجب بعد ثبوته بالشبهة خلاف مقتضى العقل . وأيضا في إجماع فقهاء الأمصار على الحكم المذكور كفاية ، ولذا قال بعضهم : إن الحديث متفق عليه ، وأيضا تلقته الأمة بالقبول ، وفي تتبع المروى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه من تلقين ماعز وغيره الرجوع احتيالا للدرء بعد الثبوت ما يفيد القطع بثبوت الحكم ، وتمامه في الفتح ( قوله ثلاثة أنواع ) يأتي بيانها ( قوله في المحل ) هو الموطوءة كما في العيني والشلبي وغيرهما ، فقوله [ ص: 19 ] الآتي : أي الملك بمعنى المملوك ( قوله وبرهن ) أي على أنها أمة ولده أو أمة أحد أبويه مثلا ( قوله وكذا يسقط بمجرد دعواها ) أي دعوى الشبهة ، وهذا يغني عما قبله لانفهامه منه بالأولى ( قوله إلا في دعوى الإكراه إلخ ) قلت : الظاهر في وجه الفرق أن الإكراه لا يخرج الفعل عن كونه زنا ، وإنما هو عذر مسقط للحد وإن لم يسقط الإثم كما يسقط القصاص بالإكراه على القتل دون الإثم فلا يقبل قوله بمجرد دعواه ، بخلاف دعواه شبهة من الشبه الثلاث ; لأنه ينكر السبب الموجب للحد ، فإن دعواه أنه تزوجها أو أنها أمة ولده إنكار للوطء الخالي عن الملك وشبهته ، فلذا قبل قوله بلا برهان تأمل . والظاهر أن لزوم البرهان على الإكراه خاص بما إذا ثبت زناه بالبينة لا بإقراره




الخدمات العلمية