الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                صفحة جزء
                [ ص: 305 ] سئل الشيخ رحمه الله أيما أفضل العلم أو العقل ؟ .

                التالي السابق


                فأجاب : إن أريد بالعلم علم الله تعالى الذي أنزله الله تعالى وهو الكتاب كما قال تعالى : { فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم } فهذا أفضل من عقل الإنسان ; لأن هذا صفة الخالق : والعقل صفة المخلوق وصفة الخالق أفضل من صفة المخلوق .

                وإن أريد بالعقل أن يعقل العبد أمره ونهيه فيفعل ما أمر به ويترك ما نهي عنه فهذا العقل يدخل صاحبه به الجنة . وهو أفضل من العلم الذي لا يدخل صاحبه به الجنة . كمن يعلم ولا يعمل . وإن أريد العقل الغريزة التي جعلها الله في العبد التي ينال بها العلم والعمل فالذي يحصل به أفضل ; لأن العلم هو المقصود به وغريزة العقل وسيلة إليه . والمقاصد أفضل من وسائلها .

                وإن أريد بالعقل العلوم التي تحصل بالغريزة فهذه من العلم فلا يقال : أيما [ ص: 306 ] أفضل العلم أو العقل ولكن يقال أيما أفضل هذا العلم أو هذا العلم فالعلوم بعضها أفضل من بعض فالعلم بالله أفضل من العلم بخلقه ولهذا كانت آية الكرسي أفضل آية في القرآن ; لأنها صفة الله تعالى . وكانت : { قل هو الله أحد } تعدل ثلث القرآن ; لأن القرآن " ثلاثة أثلاث " : ثلث توحيد وثلث قصص وثلث أمر ونهي . وثلث التوحيد أفضل من غيره .

                والجواب في هذه المسألة مسألة العلم والعقل لا بد فيه من التفصيل ; لأن كل واحد من الاسمين يحتمل معان كثيرة فلا يجوز إطلاق الجواب بلا تفصيل ولهذا كثر النزاع فيها لمن لم يفصل ومن فصل الجواب فقد أصاب . والله أعلم .




                الخدمات العلمية