الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                            [ ص: 175 ] ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )

                                                                                                                                                                                                                                            الحكم السابع : حكم النظر : قوله تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون )

                                                                                                                                                                                                                                            اعلم أنه تعالى قال : ( قل للمؤمنين ) وإنما خصهم بذلك لأن غيرهم لا يلزمه غض البصر عما لا يحل له ويحفظ الفرج عما لا يحل له ، لأن هذه الأحكام كالفروع للإسلام والمؤمنون مأمورون بها ابتداء ، والكفار مأمورون قبلها بما تصير هذه الأحكام تابعة له ، وإن كان حالهم كحال المؤمنين في استحقاق العقاب على تركها ، لكن المؤمن يتمكن من هذه الطاعة من دون مقدمة ، والكافر لا يتمكن إلا بتقديم مقدمة من قبله ، وذلك لا يمنع من لزوم التكاليف له .

                                                                                                                                                                                                                                            واعلم أنه سبحانه أمر الرجال بغض البصر وحفظ الفرج ، وأمر النساء بمثل ما أمر به الرجال وزاد فيهن أن لا يبدين زينتهن إلا لأقوام مخصوصين .

                                                                                                                                                                                                                                            أما قوله تعالى : ( يغضوا من أبصارهم ) ففيه مسائل :

                                                                                                                                                                                                                                            المسألة الأولى : قال الأكثرون ( من ) هاهنا للتبعيض والمراد غض البصر عما يحرم والاقتصار به على ما يحل ، وجوز الأخفش أن تكون مزيدة ، ونظيره قوله : ( ما لكم من إله غيره ) [ الأعراف : 85 ] ( فما منكم من أحد عنه حاجزين ) [ الحاقة : 47 ] وأباه سيبويه ، فإن قيل كيف دخلت في غض البصر دون حفظ الفرج ؟ قلنا دلالة على أن أمر النظر أوسع ألا ترى أن المحارم لا بأس بالنظر إلى شعورهن وصدورهن وكذا الجواري المستعرضات .

                                                                                                                                                                                                                                            وأما أمر الفرج فمضيق ، وكفاك فرقا أن أبيح النظر إلا ما استثني منه وحظر الجماع إلا ما استثني منه ، ومنهم من قال : ( يغضوا من أبصارهم ) أي ينقصوا من نظرهم فالبصر إذا لم يمكن من عمله فهو مغضوض ممنوع عنه ، وعلى هذا " من " ليست بزائدة ولا هي للتبعيض بل هي من صلة الغض يقال غضضت [ ص: 176 ] من فلان إذا نقصت من قدره .

                                                                                                                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                            الخدمات العلمية