الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

حاشية الدسوقي على الشرح الكبير

الدسوقي - محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي

صفحة جزء
ولما أنهى الكلام على زكاة الأموال أتبعه بالكلام على زكاة الأبدان وهي زكاة الفطر فقال [ درس ] ( فصل ) ( يجب ) وجوبا ( ثابتا ) ( بالسنة ) ففي الموطإ عن ابن عمر { فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر في رمضان على المسلمين } وحمل الفرض على التقدير بعيد لا سيما وقد خرج الترمذي { بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديا ينادي في فجاج المدينة ألا إن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم } ( صاع ) أربعة أمداد كل مد رطل بالبغدادي وقد حرر الصاع فوجد أربع حفنات متوسطة [ ص: 505 ] وذلك قدح وثلث بالكيل المصري ( أو جزؤه ) إن لم يقدر على الصاع أو في عبد مشترك أو مبعض ( عنه ) أي عن المخرج المستفاد من المعنى ; لأن قول صاع معناه إخراج صاع ( فضل ) أي الصاع أو جزؤه في ذلك اليوم ( عن قوته وقوت عياله ) اللازم له ولو خشي الجوع بعده وهم من يأتي في قوله وعن كل مسلم يمونه بقرابة أو رق زوجية ( وإن ) قدر عليه ( بتسلف ) يرجو القدرة على وفائه وقيل لا يجب التسلف وأخذ منه عدم سقوطها بالدين ; لأنه إذا وجب تسلفها فالدين السابق عليها أولى أن لا يسقطها ، وهو المذهب فليتأمل

التالي السابق


( فصل في زكاة الفطر ) ( قوله زكاة الأبدان ) هذا يقتضي أن المراد بالفطر الذي أضيفت إليه الزكاة في قولهم زكاة الفطر الفطرة بمعنى الخلقة وبه قيل وقيل المراد به المقابل للصوم لوجوبها عنده وعلى هذا فاختلف هل المراد به الفطر الجائز أو الواجب فلذا وقع الخلاف في وجوبها بأول ليلة العيد أو بفجره ( قوله يجب بالسنة ) أي لا بالقرآن ; لأن آيات الزكاة العامة السابقة عليها فعلم أنها غير مرادة منها أو أنها غير صريحة في وجوبها خلافا لمن قال إن وجوبها ثبت بعموم { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } الآية ( قوله في رمضان ) أي الكائن في رمضان أي منه ( قوله وحمل الفرض على التقدير ) كما هو قول من قال إن زكاة الفطر سنة وقوله بعيد أي ; لأن فرض ، وإن كان في أصل اللغة بمعنى قدر لكل نقل في عرف الشرع إلى الوجوب فيتعين الحمل عليه ( قوله في فجاج المدينة ) أي في طرقها والصواب في فجاج مكة كما في سنن الترمذي ولا يقال إن فرضها في السنة الثانية من الهجرة ومكة حينئذ دار حرب فكيف يتأتى فيها النداء بما ذكر ; لأنا نقول بعث المنادي يحتمل أنه سنة فتحها ، وهو سنة ثمان من الهجرة ويحتمل أنه سنة حج أبي بكر بالناس ، وهو سنة تسع ويحتمل أنه سنة حجة الوداع وهي سنة عشر وليس بلازم أن يكون بعث المنادي عقب القرض ولذا لم يقل الترمذي بعث حين فرضت وكون البعث عام الفتح هو الأظهر ; لأن الأصل المبادرة بإظهار الشعائر في البلد بمجرد فتحها ولا موجب للتأخير بعد زوال المانع ( قوله وقد حرر الصاع ) أي الذي هو أربعة أمداد وقوله فوجد أربع حفنات إلخ [ ص: 505 ] مراده بالحفنة المتوسطة ملء اليدين المتوسطتين لا مقبوضتين ولا مبسوطتين وليس مراده بالحفنة ملء اليد الواحدة .

( قوله وذلك قدح وثلث إلخ ) فعلى هذا الربع المصري يجزئ عن ثلاثة ( قوله أو في عبد إلخ ) ما حمل عليه قوله أو جزؤه من الصور الثلاث هو مختار ح وحمله الشارحان على الثالثة فقط وحمله ابن غازي على الأولين ( قوله فضل ) نعت لقوله صاع أو جزؤه أي فضل ما ذكر من الصاع أو جزئه فأفرد الضمير باعتبار ما ذكر أو نظرا لكون العطف بأو فإن قدر على الزكاة يومها أخرجها فإن دفعها لمعطيه فالظاهر تجزيه على ما مر من دفع الزكاة لغريم وأخذها منه وقوله اللازم له صفة لقوت عياله وقوله بعده أي بعد ذلك اليوم وقوله وهم أي عياله وقوله ، وإن قدر عليه أي على ذلك الصاع أو جزئه بتسلف وهذا مبالغة في وجوب الصاع أو جزئه ما اقتضاه كلامه من وجوب التسلف هو ظاهر المدونة ( قوله وقيل لا يجب التسلف ) أي بل يستحب وعليه اقتصر ابن رشد وأشار بالمبالغة للرد عليه




الخدمات العلمية