الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 3 ] مقدمة المؤلف .

        1 - لا إله إلا الله ، عدة للقا الله - عز وجل - .

        قال الشيخ الأجل ، الإمام فخر الإسلام ، إمام الحرمين ، أبو المعالي عبد الملك بن عبد الله الجويني - رحمة الله عليه - :

        2 - الحمد لله القيوم الحي ، الذي بإرادته كل رشد وغي ، وبمشيئته كل نشر وطي . كل بيان في وصف جلاله حصر وعي ، وبين عيني كل قيصر وكي ، من قهر تسخيره وسم وكي ، ( فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء ) فالعقول عن عز جلاله معقولة ، ومعاقد العقود في نعت جماله محلولة ، ومطايا الواجدين مشكولة ، وقلوب العارفين على الدأب في [ ص: 4 ] الطلب مجبولة ، وأيدي المريدين إلى الأعناق مغلولة ، وأفئدة القانعين بملك الدارين معلولة ، وغاية الزاهدين العابدين مواعد مأمولة ، وفي عرصات الكبرياء ألسنة مسلولة ، ودماء الهلكى في الله مهدرة مطلولة ، وحدود المشمرين في غير ما قدر لهم مفلولة ، ونهاية المكاشفين حيرة محصولة ، فلا ينفع مع القدر المحتوم وسيلة ، ولا يدرأ القضاء الأزلي حيلة ، والأفهام دون حمى العزة مبهورة ، والأوهام مقهورة ، والفطن مزجورة ، والبصائر مدحورة ، والفكر عن مدرك الحق مقصورة ، وذكر اللسان أصوات وأجراس ، ومتضمن الخواطر وسواس ، والسكون عن الطلب تعطيل ، والركون إلى مطلوب مخيل تمثيل ، وبذل المهج في أدنى مسالك المريدين قليل ، وليس إلى درك [ ص: 5 ] حقيقة الحق سبيل ، ونار الله على أرواح المشتاقين موقدة ، ومدارك الوصول بأغلاق العز موصدة ، ومن قنع بالدعوى ضاع زمانه ، ومن تحقق في الإرادة طالت أحزانه ، ومن ضري بالكلام صدي جنانه ، ومن عرف الله كل لسانه ، جل جلاله ، وتقدست [ ص: 6 ] أسماؤه . استواؤه استيلاؤه ، ونزوله بره وحباؤه ، ومجيئه حكمه وقضاؤه ، ووجهه بقاؤه ، وتقريبه اصطفاؤه ، ومحبته آلاؤه ، وسخطه بلاؤه ، وبعده علاؤه ، العظمة إزاره ، والكبرياء رداؤه ، غرقت في نور سرمديته عقول العقلاء ، وبرقت في وصف صمديته علوم العلماء ، ولم يحصل منه أهل الأرض والسماء إلا على الصفات والأسماء ، فالخلق رسوم خالية ، وجسوم بالية ، والقدرة الأزلية لها والية ، جلت ساحة الربوبية ، وحمى العزة الديمومية ، عن وهم كل جني وإنسي ، ومناسبة عرش وكرسي ، فالشواهد دونها منطمسة ، والعلوم مندرسة ، والعقول مختلطة ملتبسة ، والألسنة معتقلة محتبسة ، فلا تحييث ولا [ ص: 7 ] تحييز ، ولا تحقيق ولا تمييز ، ولا تقدير ولا تجويز ، وليس إلا وجهه العزيز .

        3 - قد أفلح الحامدون ، وخاب الجاحدون ، وفاز المؤمنون ، وكفي المتوكلون ، وصدق المرسلون ، واعترف لله بالوحدانية المؤيدون ، وأيقن بنبوة المرسلين ، وصدق خاتم النبيين ، وقائد الغر المحجلين - الموفقون . وعلى الأنبياء أجمعين .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية