الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      أبو عبد الرحمن السلمي ( ع )

                                                                                      مقرئ الكوفة ، الإمام العلم ، عبد الله بن حبيب بن ربيعة الكوفي ، من أولاد الصحابة ، مولده في حياة النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                      [ ص: 268 ] قرأ القرآن ، وجوده ، ومهر فيه ، وعرض على عثمان فيما بلغنا ، وعلى علي ، وابن مسعود .

                                                                                      وحدث عن عمر ، وعثمان ، وطائفة .

                                                                                      قال أبو عمرو الداني : أخذ القراءة عرضا عن عثمان ، وعلي ، وزيد ، وأبي ، وابن مسعود .

                                                                                      أخذ عنه القرآن : عاصم بن أبي النجود ، ويحيى بن وثاب ، وعطاء بن السائب وعبد الله بن عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، ومحمد بن أبي أيوب ، والشعبي ، وإسماعيل بن أبي خالد ، وعرض عليه الحسن والحسين رضي الله عنهما .

                                                                                      وحدث عنه : عاصم ، وأبو إسحاق ، وعلقمة بن مرثد ، وعطاء بن السائب ، وعدد كثير .

                                                                                      روى حسين الجعفي عن محمد بن أبان ، عن علقمة بن مرثد ، أن أبا عبد الرحمن السلمي تعلم القرآن من عثمان ، وعرض على علي .

                                                                                      محمد ليس بحجة .

                                                                                      قال أبو إسحاق : كان أبو عبد الرحمن السلمي يقرئ الناس في المسجد الأعظم أربعين سنة .

                                                                                      وقال سعد بن عبيدة : أقرأ أبو عبد الرحمن في خلافة عثمان ، وإلى أن توفي في زمن الحجاج .

                                                                                      [ ص: 269 ] قال شعبة : لم يسمع من عثمان كذا قال شعبة ، ولم يتابع .

                                                                                      وروى أبان العطار ، عن عاصم بن بهدلة ، عن أبي عبد الرحمن ، قال : أخذت القراءة عن علي .

                                                                                      وروى منصور عن تميم بن سلمة ، أن أبا عبد الرحمن كان إمام المسجد ، وكان يحمل في اليوم المطير .

                                                                                      حماد بن زيد عن عطاء بن السائب ، أن أبا عبد الرحمن قال : أخذنا القرآن عن قوم أخبرونا أنهم كانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يجاوزوهن إلى العشر الأخر حتى يعلموا ما فيهن ، فكنا نتعلم القرآن والعمل به ، وسيرث القرآن بعدنا قوم يشربونه شرب الماء لا يجاوز تراقيهم .

                                                                                      عبد الحميد بن أبي جعفر الفراء : عن أبيه ، عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه جاء وفي الدار جلال وجزر ; فقالوا : بعث بها عمرو بن حريث لأنك علمت ابنه القرآن . فقال : رد ، إنا لا نأخذ على كتاب الله أجرا .

                                                                                      وروى أبو إسحاق السبيعي ، عن أبي عبد الرحمن ، قال : والدي علمني القرآن ، وكان من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد غزا معه .

                                                                                      [ ص: 270 ] وروى سعد بن عبيدة ، عن أبي عبد الرحمن ، عن عثمان بن عفان ، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : خيركم من تعلم القرآن وعلمه .

                                                                                      قال أبو عبد الرحمن : فذلك الذي أقعدني هذا المقعد .

                                                                                      قال إسماعيل بن أبي خالد : كان أبو عبد الرحمن السلمي يعلمنا القرآن ، خمس آيات ، خمس آيات .

                                                                                      قال أبو حصين عثمان بن عاصم : كنا نذهب بأبي عبد الرحمن من مجلسه ، وكان أعمى .

                                                                                      أبو بكر بن عياش ، عن عاصم ، عن أبي عبد الرحمن ، أنه قرأ على علي .

                                                                                      وعن أبي عبد الرحمن ، قال : خرج علينا علي -رضي الله عنه- وأنا أقرئ .

                                                                                      وروى أبو جناب الكلبي ، قال : حدثنا أبو عون الثقفي قال : كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن ، وكان الحسن بن علي -رضي الله عنهما- يقرأ عليه .

                                                                                      قال عبد الواحد بن أبي هاشم : حدثنا محمد بن عبيد الله المقرئ حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، حدثنا أبي ، حدثنا حفص أبو عمر ، عن عاصم بن بهدلة ، وعطاء بن السائب ، ومحمد بن أبي أيوب ، وعبد الله بن عيسى ، أنهم قرءوا على أبي عبد الرحمن السلمي ، وذكروا أنه أخبرهم أنه قرأ على عثمان عامة القرآن ، وكان يسأله عن القرآن ، فيقول : إنك تشغلني عن أمر الناس ، فعليك بزيد بن ثابت ; فإنه يجلس للناس ، ويتفرغ لهم ، ولست [ ص: 271 ] أخالفه في شيء من القرآن . قال : وكنت ألقى عليا ، فأسأله ، فيخبرني ويقول : عليك بزيد ، فأقبلت على زيد ، فقرأت عليه القرآن ثلاث عشرة مرة .

                                                                                      قلت : ليس إسنادها بالقائم .

                                                                                      وروي عن عطاء بن السائب ، عن أبي عبد الرحمن ، قال : حدثني الذين كانوا يقرئوننا عثمان ، وابن مسعود ، وأبي ، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يقرئهم العشر ، فذكر الحديث .

                                                                                      أحمد بن أبي خيثمة : حدثنا يحيى بن السري ، حدثنا وكيع ، عن عطاء بن السائب ، قال : كان رجل يقرأ على أبي عبد الرحمن ، فأهدى له قوسا فردها وقال : ألا كان هذا قبل القراءة ! .

                                                                                      كذا عندي وكيع ، عن عطاء ، ولم يلحقه .

                                                                                      وعن عطاء بن السائب ، قال : دخلنا على أبي عبد الرحمن نعوده فذهب بعضهم يرجيه ، فقال : أنا أرجو ربي ، وقد صمت له ثمانين رمضان .

                                                                                      قلت : ما أعتقد صام ذلك كله . وقد كان ثبتا في القراءة ، وفي الحديث ، حديثه مخرج في الكتب الستة .

                                                                                      يقال : توفي سنة أربع وسبعين . وقيل : مات في إمرة بشر بن مروان [ ص: 272 ] على العراق . وقيل : مات سنة ثلاث وسبعين . وقيل : مات قبل سنة ثمانين .

                                                                                      وقيل : مات في أوائل ولاية الحجاج على العراق . وغلط ابن قانع حيث قال في وفاته إنها سنة خمس ومائة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية