الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      عبد الملك بن مروان

                                                                                      ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية ، الخليفة الفقيه ، أبو الوليد الأموي . ولد سنة ست وعشرين .

                                                                                      سمع عثمان ، وأبا هريرة ، وأبا سعيد ، وأم سلمة ، ومعاوية ، وابن عمر ، وبريرة ، وغيرهم .

                                                                                      ذكرته لغزارة علمه .

                                                                                      حدث عنه عروة ، وخالد بن معدان ، ورجاء بن حيوة ، وإسماعيل بن عبيد الله ، والزهري ، وربيعة بن يزيد ، ويونس بن ميسرة ، وآخرون .

                                                                                      [ ص: 247 ] تملك بعد أبيه الشام ومصر ، ثم حارب ابن الزبير الخليفة ، وقتل أخاه مصعبا في وقعة مسكن واستولى على العراق ، وجهز الحجاج لحرب ابن الزبير ، فقتل ابن الزبير سنة اثنتين وسبعين ، واستوسقت الممالك لعبد الملك .

                                                                                      قال ابن سعد كان قبل الخلافة عابدا ناسكا بالمدينة ، شهد مقتل عثمان وهو ابن عشر ، واستعمله معاوية على المدينة . كذا قال ; وإنما استعمل أباه .

                                                                                      وكان أبيض طويلا ، مقرون الحاجبين ، أعين ، مشرف الأنف ، رقيق الوجه ، ليس بالبادن ، أبيض الرأس واللحية .

                                                                                      عبد الله بن العلاء بن زبر ، عن يونس بن ميسرة ، عن عبد الملك ، أنه قال على المنبر : سمعت أبا هريرة يقول : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : ما من مسلم لا يغزو ، أو يجهز غازيا ، أو يخلفه بخير إلا أصابه الله بقارعة قبل الموت .

                                                                                      قال عبادة بن نسي : قال ابن عمر : إن لمروان ابنا فقيها فسلوه .

                                                                                      وقيل : إن أبا هريرة نظر إلى عبد الملك وهو غلام فقال : هذا يملك العرب .

                                                                                      [ ص: 248 ] جرير بن حازم ، عن نافع ، قال : لقد رأيت المدينة وما بها شاب أشد تشميرا ولا أفقه ولا أنسك ولا أقرأ لكتاب الله من عبد الملك .

                                                                                      وقال أبو الزناد : فقهاء المدينة : سعيد بن المسيب ، وعبد الملك ، وعروة ، وقبيصة بن ذؤيب .

                                                                                      وعن ابن عمر : ولد الناس أبناء ، وولد مروان أبا .

                                                                                      وعن يحيى بن سعيد الأنصاري : أول من صلى بين الظهر والعصر عبد الملك بن مروان وفتيان معه كانوا يصلون إلى العصر .

                                                                                      إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، قال : ما جالست أحدا إلا وجدت لي عليه الفضل إلا عبد الملك ، وقيل : إنه تأوه من تنفيذ يزيد جيشه إلى حرب ابن الزبير ، فلما ولي الأمر ، جهز إليه الحجاج الفاسق .

                                                                                      قال ابن عائشة : أفضى الأمر إلى عبد الملك والمصحف بين يديه ، فأطبقه وقال : هذا آخر العهد بك .

                                                                                      قلت : اللهم لا تمكر بنا .

                                                                                      قال الأصمعي : قيل لعبد الملك : عجل بك الشيب . قال : وكيف لا وأنا أعرض عقلي على الناس في كل جمعة .

                                                                                      قال مالك : أول من ضرب الدنانير عبد الملك ، وكتب عليها القرآن .

                                                                                      [ ص: 249 ] وقال يوسف بن الماجشون : كان عبد الملك إذا جلس للحكم قيم على رأسه بالسيوف .

                                                                                      وعن يحيى بن يحيى الغساني ، قال : كان عبد الملك كثيرا ما يجلس إلى أم الدرداء في مؤخر مسجد دمشق ، فقالت : بلغني أنك شربت الطلاء بعد النسك والعبادة ! فقال : إي والله ، والدماء .

                                                                                      وقيل : كان أبخر .

                                                                                      قال الشعبي : خطب عبد الملك ، فقال : اللهم إن ذنوبي عظام ، وهي صغار في جنب عفوك يا كريم ، فاغفرها لي .

                                                                                      قلت : كان من رجال الدهر ودهاة الرجال ، وكان الحجاج من ذنوبه .

                                                                                      توفي في شوال سنة ست وثمانين . عن نيف وستين سنة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية