الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 13 ] الأهوازي

                                                                                      قد ذكرته في " التاريخ " ، وفي " طبقات القراء " ، وفي " ميزان الاعتدال " مستوفى ، فلنذكره ملخصا .

                                                                                      كان رأسا في القراءات ، معمرا ، بعيد الصيت ، صاحب حديث ورحلة وإكثار وليس بالمتقن له ، ولا المجود ، بل هو حاطب ليل ، ومع إمامته في القراءات فقد تكلم فيه وفي دعاويه تلك الأسانيد العالية .

                                                                                      وهو الشيخ الإمام ، العلامة ، مقرئ الآفاق أبو علي ، الحسن بن علي بن إبراهيم بن يزداد بن هرمز الأهوازي ، نزيل دمشق .

                                                                                      ولد سنة اثنتين وستين وثلاثمائة .

                                                                                      وزعم أنه تلا على علي بن الحسين الغضائري . مجهول لا يوثق به ، ادعى أنه قرأ على الأشناني والقاسم المطرز - وذكر أنه تلا [ ص: 14 ] لقالون في سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة بالأهواز على محمد بن محمد بن فيروز ، عن الحسن بن الحباب ، وأنه قرأ على شيخ ، عن أبي بكر بن سيف ، وعلى الشنبوذي وأبي حفص الكتاني ، وجماعة ، قبل التسعين وثلاثمائة .

                                                                                      وسمع من نصر بن أحمد المرجي صاحب أبي يعلى ، ومن المعافى الجريري ، والكتاني ، وعدة . ولحق بدمشق عبد الوهاب الكلابي ، وأنه سمع بمصر من أبي مسلم الكاتب ، ويروي العالي والنازل ، وخطه رديء الوضع ، جمع سيرة لمعاوية ، و " مسندا " في بضعة عشر جزءا ، حشاه بالأباطيل السمجة .

                                                                                      تلا عليه الهذلي وغلام الهراس وأحمد بن أبي الأشعث السمرقندي ، وأبو الحسن المصيني ، وعتيق الردائي وأبو الوحش سبيع بن قيراط ، وخلق . [ ص: 15 ]

                                                                                      وحدث عنه : الخطيب ، والكتاني ، والفقيه نصر المقدسي ، وأبو طاهر الحنائي ، وأبو القاسم النسيب ووثقه ، وبالإجازة أبو سعد بن الطيوري .

                                                                                      وألف كتابا طويلا في الصفات فيه كذب ، ومما فيه : حديث عرق الخيل وتلك الفضائح ، فسبه علماء الكلام وغيرهم . وكان ينال من ابن أبي بشر وعلق في ثلبه ، والله يغفر لهما .

                                                                                      قال ابن عساكر كان على مذهب السالمية يقول بالظاهر ، ويتمسك بالأحاديث الضعيفة التي تقوي رأيه . وسمعت أبا الحسن بن قبيس ، عن أبيه ، قال : لما ظهر من أبي علي الإكثار من الروايات في القراءات اتهم ، فسار رشأ بن نظيف وابن الفرات ، وقرءوا ببغداد على الذين روى عنهم الأهوازي ، وجاءوا ، فمضى إليهم أبو علي ، وسألهم أن يروه [ ص: 16 ] الإجازات ، فأخذها ، وغير أسماء من سمى ليستر دعواه ، فعادت عليه بركة القرآن فلم يفتضح ، وعوتب رجل في القراءة عليه ، فقال : أقرأ عليه للعلم ، ولا أصدقه في حرف .

                                                                                      قال عبد العزيز الكتاني : اجتمعت بهبة الله اللالكائي ، فسألني : من بدمشق ؟ فذكرت منهم الأهوازي ، فقال : لو سلم من الروايات في القراءات .

                                                                                      ثم قال الكتاني : وكان مكثرا من الحديث ، وصنف الكثير في القراءات وفي أسانيدها ، له غرائب يذكر أنه أخذها رواية وتلاوة . وممن وهاه ابن خيرون .

                                                                                      وقال الداني : أخذ القراءات عرضا وسماعا من أصحاب ابن شنبود ، وابن مجاهد . قال : وكان واسع الرواية ، حافظا ضابطا ، أقرأ دهرا بدمشق .

                                                                                      قلت : في نفسي أمور من علوه في القراءات .

                                                                                      وقال ابن عساكر عقيب حديث كذب : الأهوازي متهم .

                                                                                      قلت : الحديث أنبأني به ابن أبي الخير ، عن ابن بوش ، عن أحمد بن عبد الجبار ، عن الأهوازي ، حدثنا أحمد بن علي الأطرابلسي ، عن عبد الله بن الحسن القاضي ، عن البغوي ، عن هدبة ، عن حماد بن سلمة ، عن وكيع بن عدس ، عن أبي رزين ، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال : " رأيت [ ص: 17 ] ربي بمنى على جمل أورق ، عليه جبة " .

                                                                                      وقال ابن عساكر في " تبيين كذب المفتري " لا يستبعدن جاهل كذب الأهوازي فيما أورده من تلك الحكايات ، فقد كان من أكذب الناس فيما يدعي من الروايات في القراءات .

                                                                                      وقال محمد بن طاهر الملحي : كنت عند رشأ بن نظيف في داره على باب الجامع ، فاطلع منها وقال : قد عبر رجل كذاب . فاطلعت فوجدته الأهوازي .

                                                                                      وقال عبد الله بن أحمد بن السمرقندي : قال لنا أبو بكر الخطيب : أبو [ ص: 18 ] علي الأهوازي كذاب في القراءات والحديث جميعا .

                                                                                      قلت : يريد تركيب الإسناد ، وادعاء اللقاء ، أما وضع حروف أو متون فحاشا وكلا ، ما أجوز ذلك عليه ، وهو بحر في القراءات ، تلقى المقرئون تواليفه ونقله للفن بالقبول ، ولم ينتقدوا عليه انتقاد أصحاب الحديث ، كما أحسنوا الظن بالنقاش وبالسامري وطائفة راجوا عليهم .

                                                                                      توفي أبو علي -سامحه الله- في رابع ذي الحجة سنة ست وأربعين وأربعمائة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية