الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      حبان بن علي : عن رشدين بن كريب ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : أتيت خالتي ميمونة ، فقلت : إني أريد أن أبيت الليلة عندكم . فقالت : وكيف تبيت ، وإنما الفراش واحد ؟ فقلت : لا حاجة لي به . أفرش إزاري ، وأما الوساد ، فأضع رأسي مع رءوسكما من وراء الوسادة . قال : فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثته ميمونة بما قال ابن عباس ، فقال : هذا شيخ قريش .

                                                                                      إسناده ضعيف .

                                                                                      قرأت على إسحاق بن طارق ، أخبركم ابن خليل ، أخبرنا اللبان ، أخبرنا أبو علي المقرئ ، أخبرنا أبو نعيم ، حدثنا حبيب ، حدثنا عبد الله البغوي ، حدثنا داود بن عمرو ، حدثنا نافع بن عمر ، عن ابن أبي مليكة ، قال : سئل ابن عباس : ما بلغ من هم يوسف ؟ قال : جلس يحل هميانه ، فصيح به ، يا يوسف ! لا تكن كالطير له ريش ، فإذا زنى ، قعد ليس له ريش . [ ص: 342 ]

                                                                                      صالح بن رستم الخزاز ، عن ابن أبي مليكة ؛ صحبت ابن عباس من مكة إلى المدينة ، فكان إذا نزل ، قام شطر الليل . فسأله أيوب : كيف كانت قراءته ؟ قال : قرأ وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد فجعل يرتل ويكثر في ذلك النشيج .

                                                                                      ابن جريج ، عن ابن أبي مليكة ؛ قال ابن عباس : ذهب الناس وبقي النسناس . قيل : ما النسناس ؟ قال : الذين يشبهون الناس وليسوا بالناس .

                                                                                      ابن طاوس : عن أبيه ، عن ابن عباس : قال لي معاوية : أنت على ملة علي ؟ قلت : ولا على ملة عثمان ، أنا على ملة رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

                                                                                      وعن طاوس قال : ما رأيت أحدا أشد تعظيما لحرمات الله من ابن عباس .

                                                                                      جرير بن حازم ، عن يعلى بن حكيم ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت لرجل من الأنصار : هلم نسأل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنهم اليوم كثير ؛ فقال : واعجبا لك يا ابن عباس ! أترى الناس يحتاجون إليك ، وفي الناس من أصحاب النبي عليه [ ص: 343 ] السلام من ترى ؟ فتركت ذلك . وأقبلت على المسألة ، فإن كان ليبلغني الحديث عن الرجل ، فآتيه وهو قائل ، فأتوسد ردائي على بابه ، فتسفي الريح علي التراب ، فيخرج ، فيراني ، فيقول : يا ابن عم رسول الله ! ألا أرسلت إلي فآتيك ؟ فأقول : أنا أحق أن آتيك ، فأسألك . قال : فبقي الرجل حتى رآني وقد اجتمع الناس علي ، فقال : هذا الفتى أعقل مني .

                                                                                      عبد الملك بن أبي سليمان ، عن سعيد بن جبير ، قال : كان ناس من المهاجرين قد وجدوا على عمر في إدنائه ابن عباس دونهم . قال : وكان يسأله . فقال عمر : أما إني سأريكم اليوم منه ما تعرفون فضله ؛ فسألهم عن هذه السورة : إذا جاء نصر الله فقال بعضهم : أمر الله نبيه إذا رأى الناس يدخلون في دين الله أفواجا أن يحمده ويستغفره . فقال عمر : يا ابن عباس ، تكلم . فقال : أعلمه متى يموت ، أي : فهي آيتك من الموت ، فسبح بحمد ربك واستغفره . [ ص: 344 ]

                                                                                      وروى نحوه أحمد في " مسنده " : حدثنا هشيم ، عن أبي بشر ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس .

                                                                                      محمد بن عمرو : عن أبي سلمة ، عن ابن عباس ، قال : وجدت عامة علم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عند هذا الحي من الأنصار ، إن كنت لآتي الرجل منهم ، فيقال : هو نائم ؛ فلو شئت أن يوقظ لي ، فأدعه حتى يخرج لأستطيب بذلك قلبه .

                                                                                      يزيد بن إبراهيم : عن سليمان الأحول ، عن طاوس ، عن ابن عباس ، قال : إن كنت لأسأل عن الأمر الواحد ثلاثين من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم .

                                                                                      إسناده صحيح .

                                                                                      ابن عيينة : عن أبي بكر الهذلي ، عن الحسن ، قال : كان ابن عباس من الإسلام بمنزل ، وكان من القرآن بمنزل ، وكان يقوم على منبرنا هذا ، فيقرأ البقرة وآل عمران ، فيفسرهما آية آية . وكان عمر - رضي الله عنه - إذا [ ص: 345 ] ذكره ، قال : ذلك فتى الكهول ، له لسان سئول ، وقلب عقول .

                                                                                      إسرائيل : أخبرنا سماك ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال : كل القرآن أعلمه إلا ثلاثا ؛ " الرقيم " و " غسلين " و " حنانا " .

                                                                                      يحيى بن يمان : عن عبد الملك بن أبي سليمان ، عن سعيد بن جبير ، قال : قال عمر لابن عباس : لقد علمت علما ما علمناه .

                                                                                      عاصم بن كليب ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قال : دعاني عمر مع الأكابر ، ويقول لي : لا تتكلم حتى يتكلموا ، ثم يسألني ، ثم يقبل عليهم ، فيقول : ما منعكم أن تأتوني بمثل ما يأتيني به هذا الغلام الذي لم تستو شئون رأسه .

                                                                                      معمر ، عن الزهري ، قال : قال المهاجرون لعمر : ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس ؟ قال : ذاكم فتى الكهول ؛ إن له لسانا سئولا ، وقلبا عقولا . [ ص: 346 ]

                                                                                      موسى بن عبيدة ، عن يعقوب بن زيد ، قال : كان عمر يستشير ابن عباس في الأمر إذا أهمه ، ويقول : غص غواص .

                                                                                      أبو يحيى الحماني : حدثنا عمرو بن ثابت ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، قال عمر : لا يلومني أحد على حب ابن عباس .

                                                                                      وعن مجالد ، عن الشعبي قال : قال ابن عباس : قال لي أبي : يا بني ! إن عمر يدنيك ، فاحفظ عني ثلاثا : لا تفشين له سرا ، ولا تغتابن عنده أحدا ، ولا يجربن عليك كذبا

                                                                                      ابن علية : حدثنا أيوب ، عن عكرمة : أن عليا حرق ناسا ارتدوا عن الإسلام ، فبلغ ذلك ابن عباس ، فقال : لم أكن لأحرقهم أنا بالنار ، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا تعذبوا بعذاب الله . وكنت قاتلهم لقوله - صلى الله عليه وسلم - : من بدل دينه ، فاقتلوه . فبلغ ذلك عليا ، فقال : ويح ابن أم الفضل ، إنه لغواص على الهنات . [ ص: 347 ]

                                                                                      الواقدي : حدثنا أبو بكر بن أبي سبرة ، عن موسى بن سعد ، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص : سمعت أبي يقول : ما رأيت أحدا أحضر فهما ، ولا ألب لبا ، ولا أكثر علما ، ولا أوسع حلما من ابن عباس ، لقد رأيت عمر يدعوه للمعضلات فيقول : قد جاءت معضلة ، ثم لا يجاوز قوله ، وإن حوله لأهل بدر .

                                                                                      الواقدي : حدثنا موسى بن محمد التيمي ، عن أبيه ، عن مالك بن أبي عامر ، سمع طلحة بن عبيد الله يقول : لقد أعطي ابن عباس فهما ، ولقنا ، وعلما ، ما كنت أرى عمر يقدم عليه أحدا .

                                                                                      الأعمش : عن مسلم بن صبيح عن مسروق ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : لو أدرك ابن عباس أسناننا ما عشره منا أحد .

                                                                                      وفي رواية " ما عاشره " .

                                                                                      الأعمش ، حدثونا أن عبد الله قال : ولنعم ترجمان القرآن ابن عباس .

                                                                                      الأعمش : عن إبراهيم ، قال : قال عبد الله : لو أن هذا الغلام أدرك ما أدركنا ، ما تعلقنا معه بشيء .

                                                                                      الواقدي : حدثنا مخرمة بن بكير ، عن أبيه ، عن بسر بن سعيد ، عن [ ص: 348 ] محمد بن أبي بن كعب ؛ سمع أباه يقول - وكان عنده ابن عباس ، فقام - فقال : هذا يكون حبر هذه الأمة ، أرى عقلا وفهما . وقد دعا له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يفقهه في الدين .

                                                                                      وعن عكرمة : سمعت معاوية يقول لي : مولاك والله أفقه من مات ومن عاش .

                                                                                      ويروى عن عائشة قالت : أعلم من بقي بالحج ابن عباس .

                                                                                      قلت : وقد كان يرى متعة الحج حتما .

                                                                                      قرأت على إسماعيل بن عبد الرحمن ، أخبركم عبد الله بن أحمد الفقيه سنة سبع عشرة وستمائة ، أخبرنا محمد بن عبد الباقي ، أخبرنا علي بن محمد بن محمد الأنباري ، أخبرنا أبو الحسين بن بشران ، أخبرنا إسماعيل بن محمد ، أخبرنا أحمد بن منصور ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن علي بن بذيمة عن يزيد بن الأصم ، عن ابن عباس ، قال : قدم على عمر رجل ، فجعل عمر يسأله عن الناس ، فقال : يا أمير المؤمنين ، قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا . فقلت : والله ما أحب أن يسارعوا يومهم هذا في القرآن هذه المسارعة . قال : فزبرني عمر ، ثم قال : مه . فانطلقت إلى منزلي مكتئبا حزينا ، فقلت : قد كنت نزلت من هذا بمنزلة ، ولا أراني إلا قد سقطت من نفسه ، فاضطجعت على فراشي ، حتى عادني نسوة أهلي وما بي وجع ، فبينا أنا على ذلك ، قيل لي : أجب أمير [ ص: 349 ] المؤمنين . فخرجت ، فإذا هو قائم على الباب ينتظرني ، فأخذ بيدي ، ثم خلا بي ، فقال : ما الذي كرهت مما قال الرجل آنفا ؟ قلت : يا أمير المؤمنين ، إن كنت أسأت ، فإني أستغفر الله ، وأتوب إليه ، وأنزل حيث أحببت . قال : لتخبرني . قلت : متى ما يسارعوا هذه المسارعة ، يحتقوا ومتى ما يحتقوا ، يختصموا ، ومتى ما اختصموا ، يختلفوا ، ومتى ما يختلفوا ، يقتتلوا . قال : لله أبوك . لقد كنت أكتمها الناس حتى جئت بها .

                                                                                      ابن سعد : أخبرنا أبو بكر بن محمد بن أبي مرة مكي ، حدثنا نافع بن عمر ، حدثني عمرو بن دينار : أن أهل المدينة كلموا ابن عباس أن يحج بهم . فدخل على عثمان ، فأمره ، فحج ، ثم رجع ، فوجد عثمان قد قتل ؛ فقال لعلي : إن أنت قمت بهذا الأمر الآن ، ألزمك الناس دم عثمان إلى يوم القيامة .

                                                                                      وعن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، أنه قال لعلي لما قال : سر فقد وليتك الشام ، فقال : ما هذا برأي ، ولكن اكتب إلى معاوية ، فمنه ، وعده ، قال : لا كان هذا أبدا .

                                                                                      وعن عكرمة : سمعت عبد الله يقول : قلت لعلي : لا تحكم أبا موسى ، فإن معه رجلا ، حذرا ، مرسا ، قارحا من الرجال ، فلزني إلى [ ص: 350 ] جنبه ، فإنه لا يحل عقدة إلا عقدتها ، ولا يعقد عقدة إلا حللتها . قال : يا ابن عباس ! فما أصنع ؟ إنما أوتى من أصحابي ، قد ضعفت نيتهم وكلوا . هذا الأشعث يقول : لا يكون فيها مضريان أبدا . فعذرت عليا .

                                                                                      الواقدي : حدثنا ابن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن عبيد الله بن عبد الله ، قال : كان ابن عباس قد فات الناس بخصال ؛ بعلم ما سبق ، وفقه فيما احتيج إليه من رأيه ، وحلم ، ونسب ، ونائل . وما رأيت أحدا أعلم بما سبقه من حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا بقضاء أبي بكر وعمر وعثمان منه ، ولا أعلم بما مضى ، ولا أثقب رأيا فيما احتيج إليه منه . ولقد كنا نحضر عنده ، فيحدثنا العشية كلها في المغازي ، والعشية كلها في النسب ، والعشية كلها في الشعر .

                                                                                      ابن جريج ، عن طاوس قال : ما رأيت أورع من ابن عمر ، ولا أعلم من ابن عباس .

                                                                                      وقال مجاهد : ما رأيت أحدا قط مثل ابن عباس . لقد مات يوم مات وإنه لحبر هذه الأمة .

                                                                                      الأعمش ، عن مجاهد ، قال : كان ابن عباس يسمى البحر لكثرة علمه .

                                                                                      ابن أبي نجيح ، عن مجاهد قال : ما سمعت فتيا أحسن من فتيا ابن [ ص: 351 ] عباس إلا أن يقول قائل : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

                                                                                      وعن طاوس ، قال : أدركت نحوا من خمسمائة من الصحابة ، إذا ذاكروا ابن عباس ، فخالفوه ، فلم يزل يقررهم حتى ينتهوا إلى قوله .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية