الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      جويرية أم المؤمنين ( ع )

                                                                                      بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية .

                                                                                      سبيت يوم غزوة المريسيع في السنة الخامسة وكان اسمها : برة ، فغير . وكانت من أجمل النساء .

                                                                                      أتت النبي تطلب منه إعانة في فكاك نفسها ، فقال : أوخير من ذلك ؟ أتزوجك " فأسلمت ، وتزوج بها ؛ وأطلق لها الأسارى من قومها .

                                                                                      وكان أبوها سيدا مطاعا .

                                                                                      حدث عنها : ابن عباس ، وعبيد بن السباق ، وكريب ، ومجاهد . وأبو أيوب يحيى بن مالك الأزدي ، وآخرون . [ ص: 262 ]

                                                                                      عن عائشة ، قالت : كانت جويرية امرأة حلوة ملاحة لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه . الحديث بطوله .

                                                                                      زكريا بن أبي زائدة ، عن الشعبي ، قال : أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية ، واستنكحها ، وجعل صداقها عتق كل مملوك من بني المصطلق . وكانت من ملك اليمين ، فأعتقها ، وتزوجها .

                                                                                      قال ابن سعد وغيره : بنو المصطلق من خزاعة . وكان زوجها ، قبل أن يسلم ، ابن عمها مسافع بن صفوان بن أبي الشفر . [ ص: 263 ]

                                                                                      وقد قدم أبوها الحارث على النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسلم .

                                                                                      وعن جويرية ، قالت : تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنا بنت عشرين سنة .

                                                                                      توفيت أم المؤمنين جويرية في سنة خمسين . وقيل : توفيت سنة ست وخمسين رضي الله عنها .

                                                                                      جاء لها سبعة أحاديث : منها عند البخاري حديث . وعند مسلم حديثان .

                                                                                      أيوب ، عن أبي قلابة ، قال : أتى والد جويرية فقال : إن بنتي لا يسبى مثلها ، فأنا أكرم من ذلك ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت إن خيرناها ؟ فأتاها أبوها فقال : إن هذا الرجل قد خيرك ، فلا تفضحينا ، فقالت : فإني قد اخترته ، قال : قد والله فضحتنا .

                                                                                      زكريا ، عن الشعبي ، قال : أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم - جويرية ، واستنكحها ، وجعل صداقها عتق كل مملوك من بني المصطلق .

                                                                                      همام ، وغيره ، عن قتادة ، عن أبي أيوب الهجري ، عن جويرية بنت [ ص: 264 ] الحارث : أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم جمعة ، وهي صائمة ، فقال لها : أصمت أمس ؟ قالت : لا . قال : أتريدين أن تصومي غدا ؟ قالت : لا . قال : فأفطري .

                                                                                      رواه شعبة ، وله علة غير مؤثرة ، رواه سعيد ، عن قتادة ، عن ابن المسيب ، عن عبد الله بن عمرو .

                                                                                      شعبة وجماعة ، عن محمد بن عبد الرحمن ، مولى آل طلحة : سمعت كريبا ، عن ابن عباس ، عن جويرية ، قالت : أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوة وأنا أسبح ؛ ثم انطلق لحاجته ؛ ثم رجع قريبا من نصف النهار ، فقال : أما زلت قاعدة ؟ قلت : نعم . قال : ألا أعلمك كلمات لو عدلن بهن عدلتهن ، أو وزن بهن وزنتهن - يعني جميع ما سبحت - : سبحان الله عدد خلقه ، ثلاث مرات ، سبحان الله زنة عرشه ، ثلاث مرات ، سبحان الله رضا نفسه ، ثلاث مرات ، سبحان الله مداد كلماته ، ثلاث مرات .

                                                                                      يونس ، عن ابن إسحاق : حدثنا محمد بن جعفر بن الزبير ، عن [ ص: 265 ] عروة ، عن عائشة ، قالت : لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني المصطلق ، وقعت جويرية في سهم رجل ، فكاتبته ، وكانت حلوة ملاحة ، لا يراها أحد إلا أخذت بنفسه ، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه ؛ فكرهتها - يعني لحسنها - فقالت : يا رسول الله ، أنا جويرية بنت الحارث ، سيد قومه ، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك ، وقد كاتبت ، فأعني .

                                                                                      فقال : أوخير من ذلك : أؤدي عنك ، وأتزوجك ؟ فقالت : نعم ، ففعل ، فبلغ الناس ، فقالوا : أصهار رسول الله ! فأرسلوا ما كان في أيديهم من بني المصطلق ، فلقد أعتق بها مائة أهل بيت ، فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها
                                                                                      .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية