فصل
وأما قول [ الرافضي ]
[1] .
إنهم يقولون : إن
[2] nindex.php?page=treesubj&link=33696الإمام بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، بمبايعة nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ، برضا أربعة
[3] .
فيقال له : ليس
[4] هذا قول أئمة أهل
[5] السنة ، وإن كان بعض
nindex.php?page=treesubj&link=7650أهل الكلام يقولون : إن الإمامة تنعقد ببيعة أربعة ، كما قال بعضهم : تنعقد ببيعة
[ ص: 527 ] اثنين ، وقال بعضهم : تنعقد ببيعة واحد ، فليست هذه أقوال أئمة السنة
[6] .
بل الإمامة عندهم تثبت بموافقة أهل الشوكة عليها ، ولا يصير الرجل إماما حتى يوافقه أهل الشوكة عليها
[7] الذين يحصل بطاعتهم له مقصود الإمامة ، فإن المقصود من الإمامة إنما يحصل بالقدرة والسلطان ، فإذا بويع بيعة حصلت بها القدرة والسلطان صار إماما .
ولهذا
nindex.php?page=treesubj&link=7670قال أئمة السلف [8] : من صار له قدرة وسلطان يفعل بهما [9] مقصود الولاية ، فهو من أولي الأمر الذين أمر الله بطاعتهم ما لم يأمروا بمعصية الله ، فالإمامة ملك وسلطان ، والملك لا يصير ملكا بموافقة واحد ولا اثنين ولا أربعة ، إلا أن تكون موافقة هؤلاء تقتضي موافقة غيرهم بحيث يصير ملكا بذلك . وهكذا كل أمر يفتقر إلى المعاونة عليه لا يحصل إلا بحصول من يمكنهم التعاون عليه ؛ ولهذا لما بويع
nindex.php?page=showalam&ids=8علي - رضي الله عنه -
[10] وصار معه شوكة صار إماما .
ولو كان جماعة في سفر فالسنة أن يؤمروا أحدهم ، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
لا يحل لثلاثة يكونون في سفر إلا أن يؤمروا [ ص: 528 ] واحدا منهم [11] " فإذا أمره أهل القدرة منهم صار أميرا . فكون الرجل أميرا وقاضيا وواليا وغير ذلك من الأمور التي مبناها على القدرة والسلطان ، متى حصل ما يحصل به من القدرة والسلطان حصلت وإلا فلا ؛ إذ المقصود بها عمل أعمال لا تحصل إلا بقدرة ، فمتى حصلت القدرة التي بها يمكن تلك الأعمال
[12] كانت حاصلة وإلا فلا .
وهذا مثل كون الرجل راعيا للماشية ، متى سلمت إليه بحيث يقدر أن يرعاها ، كان راعيا لها وإلا فلا ، فلا
[13] عمل إلا بقدرة عليه ، فمن لم يحصل له القدرة على العمل لم يكن عاملا .
والقدرة على سياسة الناس إما بطاعتهم له ، وإما بقهره لهم ، فمتى
[ ص: 529 ] صار قادرا على سياستهم بطاعتهم أو بقهره ، فهو ذو سلطان مطاع ، إذا أمر بطاعة الله .
ولهذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد في رسالة
عبدوس بن مالك العطار [14] : " أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " إلى أن قال : " ومن ولي الخلافة فأجمع عليه الناس ورضوا به ، ومن غلبهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين ، فدفع الصدقات إليه جائز برا كان أو فاجرا " .
وقال في رواية
إسحاق بن منصور [15] ، وقد سئل عن حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=911696من مات وليس له إمام مات ميتة جاهلية "
[16] ما معناه ؟ فقال : تدري ما الإمام ؟ الإمام الذي يجمع عليه المسلمون ، كلهم يقول : هذا إمام ؛ فهذا معناه
[ ص: 530 ] والكلام هنا في مقامين : أحدهما : في كون
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر كان هو المستحق للإمامة ، وأن مبايعتهم
[17] له مما يحبه الله ورسوله ، فهذا ثابت بالنصوص والإجماع .
والثاني : أنه متى صار إماما ، فذلك بمبايعة أهل القدرة له . وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر لما عهد إليه
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ، إنما صار إماما لما بايعوه وأطاعوه ، ولو قدر أنهم لم ينفذوا عهد
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ولم يبايعوه لم يصر إماما ، سواء كان ذلك جائزا أو غير جائز .
فالحل والحرمة متعلق بالأفعال ، وأما نفس الولاية والسلطان فهو عبارة عن القدرة الحاصلة ، ثم قد تحصل على وجه يحبه الله ورسوله ، كسلطان الخلفاء الراشدين ، وقد تحصل على وجه فيه معصية ، كسلطان الظالمين .
ولو قدر أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر وطائفة معه بايعوه ، وامتنع سائر الصحابة عن البيعة ، لم يصر إماما بذلك ، وإنما صار إماما بمبايعة جمهور الصحابة ، الذين هم أهل القدرة والشوكة . ولهذا لم يضر تخلف
nindex.php?page=showalam&ids=228سعد بن عبادة ؛ لأن ذلك [ لا ]
[18] يقدح في مقصود الولاية ، فإن المقصود حصول القدرة والسلطان اللذين بهما تحصل
[19] مصالح الإمامة ، وذلك قد حصل بموافقة الجمهور على ذلك .
[ ص: 531 ] فمن قال إنه يصير إماما بموافقة واحد أو اثنين أو أربعة ، وليسوا هم ذوي القدرة والشوكة ، فقد غلط ؛ كما أن من ظن أن تخلف الواحد أو الاثنين والعشرة يضره ، فقد غلط .
nindex.php?page=showalam&ids=1وأبو بكر بايعه
المهاجرون والأنصار ، الذين هم بطانة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، والذين بهم صار للإسلام قوة وعزة ، وبهم قهر المشركون ، وبهم فتحت جزيرة العرب ، فجمهور الذين بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هم الذين بايعوا
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر . وأما كون
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر أو غيره
[20] سبق إلى البيعة ، فلا بد في كل بيعة
[21] من سابق ، ولو قدر أن بعض الناس كان كارها للبيعة ، لم يقدح ذلك في مقصودها ، فإن نفس الاستحقاق لها ثابت بالأدلة الشرعية الدالة على أنه أحقهم بها ، ومع قيام الأدلة الشرعية لا يضر من خالفها ، ونفس حصولها ووجودها ثابت بحصول القدرة والسلطان ، بمطاوعة
[22] ذوي الشوكة .
فالدين الحق لا بد فيه من الكتاب الهادي والسيف الناصر ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس وليعلم الله من ينصره ورسله بالغيب [ سورة الحديد : 25 ]
[23] .
[ ص: 532 ] فالكتاب يبين ما أمر الله به وما نهى عنه ، والسيف ينصر ذلك ويؤيده .
nindex.php?page=showalam&ids=1وأبو بكر ثبت بالكتاب والسنة أن الله أمر بمبايعته ، والذين بايعوه كانوا أهل السيف المطيعين لله في ذلك ، فانعقدت خلافة النبوة في حقه بالكتاب والحديد .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر [24] فإن
nindex.php?page=showalam&ids=1أبا بكر عهد إليه وبايعه المسلمون بعد موت
nindex.php?page=showalam&ids=1أبي بكر ، فصار إماما لما حصلت له القدرة والسلطان بمبايعتهم له
[25] .
وأما قوله : ثم
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان [ بن عفان ]
[26] بنص
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر على ستة هو أحدهم ، فاختاره بعضهم
[27] .
فَصْلٌ
وَأَمَّا قَوْلُ [ الرَّافِضِيِّ ]
[1] .
إِنَّهُمْ يَقُولُونَ : إِنَّ
[2] nindex.php?page=treesubj&link=33696الْإِمَامَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ ، بِمُبَايَعَةِ nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ ، بِرِضَا أَرْبَعَةٍ
[3] .
فَيُقَالُ لَهُ : لَيْسَ
[4] هَذَا قَوْلَ أَئِمَّةِ أَهْلِ
[5] السُّنَّةِ ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ
nindex.php?page=treesubj&link=7650أَهْلِ الْكَلَامِ يَقُولُونَ : إِنَّ الْإِمَامَةَ تَنْعَقِدُ بِبَيْعَةِ أَرْبَعَةٍ ، كَمَا قَالَ بَعْضُهُمْ : تَنْعَقِدُ بِبَيْعَةِ
[ ص: 527 ] اثْنَيْنِ ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ : تَنْعَقِدُ بِبَيْعَةِ وَاحِدٍ ، فَلَيْسَتْ هَذِهِ أَقْوَالَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ
[6] .
بَلِ الْإِمَامَةُ عِنْدَهُمْ تَثْبُتُ بِمُوَافَقَةِ أَهْلِ الشَّوْكَةِ عَلَيْهَا ، وَلَا يَصِيرُ الرَّجُلُ إِمَامًا حَتَّى يُوَافِقَهُ أَهْلُ الشَّوْكَةِ عَلَيْهَا
[7] الَّذِينَ يَحْصُلُ بِطَاعَتِهِمْ لَهُ مَقْصُودُ الْإِمَامَةِ ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ مِنَ الْإِمَامَةِ إِنَّمَا يَحْصُلُ بِالْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ ، فَإِذَا بُويِعَ بَيْعَةً حَصَلَتْ بِهَا الْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ صَارَ إِمَامًا .
وَلِهَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=7670قَالَ أَئِمَّةُ السَّلَفِ [8] : مَنْ صَارَ لَهُ قُدْرَةٌ وَسُلْطَانٌ يَفْعَلُ بِهِمَا [9] مَقْصُودَ الْوِلَايَةِ ، فَهُوَ مِنْ أُولِي الْأَمْرِ الَّذِينَ أَمَرَ اللَّهُ بِطَاعَتِهِمْ مَا لَمْ يَأْمُرُوا بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ ، فَالْإِمَامَةُ مُلْكٌ وَسُلْطَانٌ ، وَالْمُلْكُ لَا يَصِيرُ مُلْكًا بِمُوَافَقَةِ وَاحِدٍ وَلَا اثْنَيْنِ وَلَا أَرْبَعَةٍ ، إِلَّا أَنْ تَكُونَ مُوَافَقَةُ هَؤُلَاءِ تَقْتَضِي مُوَافَقَةَ غَيْرِهِمْ بِحَيْثُ يَصِيرُ مُلْكًا بِذَلِكَ . وَهَكَذَا كُلُّ أَمْرٍ يَفْتَقِرُ إِلَى الْمُعَاوَنَةِ عَلَيْهِ لَا يَحْصُلُ إِلَّا بِحُصُولِ مَنْ يُمْكِنُهُمُ التَّعَاوُنُ عَلَيْهِ ؛ وَلِهَذَا لَمَّا بُويِعَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيٌّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
[10] وَصَارَ مَعَهُ شَوْكَةٌ صَارَ إِمَامًا .
وَلَوْ كَانَ جَمَاعَةٌ فِي سَفَرٍ فَالسُّنَّةُ أَنْ يُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ ، كَمَا قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : "
لَا يَحِلُّ لِثَلَاثَةٍ يَكُونُونَ فِي سَفَرٍ إِلَّا أَنْ يُؤَمِّرُوا [ ص: 528 ] وَاحِدًا مِنْهُمْ [11] " فَإِذَا أَمَّرَهُ أَهْلُ الْقُدْرَةِ مِنْهُمْ صَارَ أَمِيرًا . فَكَوْنُ الرَّجُلِ أَمِيرًا وَقَاضِيًا وَوَالِيًا وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي مَبْنَاهَا عَلَى الْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ ، مَتَى حَصَلَ مَا يَحْصُلُ بِهِ مِنَ الْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ حَصَلَتْ وَإِلَّا فَلَا ؛ إِذِ الْمَقْصُودُ بِهَا عَمَلُ أَعْمَالٍ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِقُدْرَةٍ ، فَمَتَى حَصَلَتِ الْقُدْرَةُ الَّتِي بِهَا يُمْكِنُ تِلْكَ الْأَعْمَالُ
[12] كَانَتْ حَاصِلَةً وَإِلَّا فَلَا .
وَهَذَا مِثْلُ كَوْنِ الرَّجُلِ رَاعِيًا لِلْمَاشِيَةِ ، مَتَى سُلِّمَتْ إِلَيْهِ بِحَيْثُ يَقْدِرُ أَنْ يَرْعَاهَا ، كَانَ رَاعِيًا لَهَا وَإِلَّا فَلَا ، فَلَا
[13] عَمَلَ إِلَّا بِقُدْرَةٍ عَلَيْهِ ، فَمَنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ الْقُدْرَةُ عَلَى الْعَمَلِ لَمْ يَكُنْ عَامِلًا .
وَالْقُدْرَةُ عَلَى سِيَاسَةِ النَّاسِ إِمَّا بِطَاعَتِهِمْ لَهُ ، وَإِمَّا بِقَهْرِهِ لَهُمْ ، فَمَتَى
[ ص: 529 ] صَارَ قَادِرًا عَلَى سِيَاسَتِهِمْ بِطَاعَتِهِمْ أَوْ بِقَهْرِهِ ، فَهُوَ ذُو سُلْطَانٍ مُطَاعٍ ، إِذَا أَمَرَ بِطَاعَةِ اللَّهِ .
وَلِهَذَا قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12251أَحْمَدُ فِي رِسَالَةِ
عُبْدُوسِ بْنِ مَالِكٍ الْعَطَّارِ [14] : " أُصُولُ السُّنَّةِ عِنْدَنَا التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " إِلَى أَنْ قَالَ : " وَمَنْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ فَأَجْمَعَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَرَضُوا بِهِ ، وَمَنْ غَلَبَهُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى صَارَ خَلِيفَةً وَسُمِّيَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، فَدَفْعُ الصَّدَقَاتِ إِلَيْهِ جَائِزٌ بَرًّا كَانَ أَوْ فَاجِرًا " .
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ
إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ [15] ، وَقَدْ سُئِلَ عَنْ حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - "
nindex.php?page=hadith&LINKID=911696مَنْ مَاتَ وَلَيْسَ لَهُ إِمَامٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً "
[16] مَا مَعْنَاهُ ؟ فَقَالَ : تَدْرِي مَا الْإِمَامُ ؟ الْإِمَامُ الَّذِي يُجْمِعُ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ ، كُلُّهُمْ يَقُولُ : هَذَا إِمَامٌ ؛ فَهَذَا مَعْنَاهُ
[ ص: 530 ] وَالْكَلَامُ هُنَا فِي مَقَامَيْنِ : أَحَدُهُمَا : فِي كَوْنِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ كَانَ هُوَ الْمُسْتَحِقَّ لِلْإِمَامَةِ ، وَأَنَّ مُبَايَعَتَهُمْ
[17] لَهُ مِمَّا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، فَهَذَا ثَابِتٌ بِالنُّصُوصِ وَالْإِجْمَاعِ .
وَالثَّانِي : أَنَّهُ مَتَى صَارَ إِمَامًا ، فَذَلِكَ بِمُبَايَعَةِ أَهْلِ الْقُدْرَةِ لَهُ . وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ لَمَّا عَهِدَ إِلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبُو بَكْرٍ ، إِنَّمَا صَارَ إِمَامًا لَمَّا بَايَعُوهُ وَأَطَاعُوهُ ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّهُمْ لَمْ يُنَفِّذُوا عَهْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ وَلَمْ يُبَايِعُوهُ لَمْ يَصِرْ إِمَامًا ، سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا أَوْ غَيْرَ جَائِزٍ .
فَالْحِلُّ وَالْحُرْمَةُ مُتَعَلِّقٌ بِالْأَفْعَالِ ، وَأَمَّا نَفْسُ الْوِلَايَةِ وَالسُّلْطَانِ فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْقُدْرَةِ الْحَاصِلَةِ ، ثُمَّ قَدْ تَحْصُلُ عَلَى وَجْهٍ يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ، كَسُلْطَانِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ ، وَقَدْ تَحْصُلُ عَلَى وَجْهٍ فِيهِ مَعْصِيَةٌ ، كَسُلْطَانِ الظَّالِمِينَ .
وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ وَطَائِفَةً مَعَهُ بَايَعُوهُ ، وَامْتَنَعَ سَائِرُ الصَّحَابَةِ عَنِ الْبَيْعَةِ ، لَمْ يَصِرْ إِمَامًا بِذَلِكَ ، وَإِنَّمَا صَارَ إِمَامًا بِمُبَايَعَةِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ ، الَّذِينَ هُمْ أَهْلُ الْقُدْرَةِ وَالشَّوْكَةِ . وَلِهَذَا لَمْ يَضُرَّ تَخَلُّفُ
nindex.php?page=showalam&ids=228سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ [ لَا ]
[18] يَقْدَحُ فِي مَقْصُودِ الْوِلَايَةِ ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ اللَّذَيْنِ بِهِمَا تَحْصُلُ
[19] مَصَالِحُ الْإِمَامَةِ ، وَذَلِكَ قَدْ حَصَلَ بِمُوَافَقَةِ الْجُمْهُورِ عَلَى ذَلِكَ .
[ ص: 531 ] فَمَنْ قَالَ إِنَّهُ يَصِيرُ إِمَامًا بِمُوَافَقَةِ وَاحِدٍ أَوِ اثْنَيْنِ أَوْ أَرْبَعَةٍ ، وَلَيْسُوا هُمْ ذَوِي الْقُدْرَةِ وَالشَّوْكَةِ ، فَقَدْ غَلِطَ ؛ كَمَا أَنَّ مَنْ ظَنَّ أَنَّ تَخَلُّفَ الْوَاحِدِ أَوِ الِاثْنَيْنِ وَالْعَشَرَةِ يَضُرُّهُ ، فَقَدْ غَلِطَ .
nindex.php?page=showalam&ids=1وَأَبُو بَكْرٍ بَايَعَهُ
الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ ، الَّذِينَ هُمْ بِطَانَةُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ، وَالَّذِينَ بِهِمْ صَارَ لِلْإِسْلَامِ قُوَّةٌ وَعِزَّةٌ ، وَبِهِمْ قَهَرَ الْمُشْرِكُونَ ، وَبِهِمْ فُتِحَتْ جَزِيرَةُ الْعَرَبِ ، فَجُمْهُورُ الَّذِينَ بَايَعُوا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُمُ الَّذِينَ بَايَعُوا
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ . وَأَمَّا كَوْنُ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ أَوْ غَيْرِهِ
[20] سَبَقَ إِلَى الْبَيْعَةِ ، فَلَا بُدَّ فِي كُلِّ بَيْعَةٍ
[21] مِنْ سَابِقٍ ، وَلَوْ قُدِّرَ أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ كَانَ كَارِهًا لِلْبَيْعَةِ ، لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي مَقْصُودِهَا ، فَإِنَّ نَفْسَ الِاسْتِحْقَاقِ لَهَا ثَابِتٌ بِالْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ الدَّالَّةِ عَلَى أَنَّهُ أَحَقُّهُمْ بِهَا ، وَمَعَ قِيَامِ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا يَضُرُّ مَنْ خَالَفَهَا ، وَنَفْسُ حُصُولِهَا وَوُجُودِهَا ثَابِتٌ بِحُصُولِ الْقُدْرَةِ وَالسُّلْطَانِ ، بِمُطَاوَعَةِ
[22] ذَوِي الشَّوْكَةِ .
فَالدِّينُ الْحَقُّ لَا بُدَّ فِيهِ مِنَ الْكِتَابِ الْهَادِي وَالسَّيْفِ النَّاصِرِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ [ سُورَةُ الْحَدِيدِ : 25 ]
[23] .
[ ص: 532 ] فَالْكِتَابُ يُبَيِّنُ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَمَا نَهَى عَنْهُ ، وَالسَّيْفُ يَنْصُرُ ذَلِكَ وَيُؤَيِّدُهُ .
nindex.php?page=showalam&ids=1وَأَبُو بَكْرٍ ثَبَتَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَنَّ اللَّهَ أَمَرَ بِمُبَايَعَتِهِ ، وَالَّذِينَ بَايَعُوهُ كَانُوا أَهْلَ السَّيْفِ الْمُطِيعِينَ لِلَّهِ فِي ذَلِكَ ، فَانْعَقَدَتْ خِلَافَةُ النُّبُوَّةِ فِي حَقِّهِ بِالْكِتَابِ وَالْحَدِيدِ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرُ [24] فَإِنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبَا بَكْرٍ عَهِدَ إِلَيْهِ وَبَايَعَهُ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَ مَوْتِ
nindex.php?page=showalam&ids=1أَبِي بَكْرٍ ، فَصَارَ إِمَامًا لَمَّا حَصَلَتْ لَهُ الْقُدْرَةُ وَالسُّلْطَانُ بِمُبَايَعَتِهِمْ لَهُ
[25] .
وَأَمَّا قَوْلُهُ : ثُمَّ
nindex.php?page=showalam&ids=7عُثْمَانُ [ بْنُ عَفَّانَ ]
[26] بِنَصِّ
nindex.php?page=showalam&ids=2عُمَرَ عَلَى سِتَّةٍ هُوَ أَحَدُهُمْ ، فَاخْتَارَهُ بَعْضُهُمْ
[27] .