الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            [ ص: 334 ] مسألة : قال : ( ومن اضطر ، فأصاب الميتة وخبزا لا يعرف مالكه ، أكل الميتة ) وبهذا قال سعيد بن المسيب وزيد بن أسلم . وقال مالك : إن كانوا يصدقونه أنه مضطر ، أكل من الزرع والثمر ، وشرب اللبن ، وإن خاف أن تقطع يده ، أو لا يقبل منه ، أكل الميتة . ولأصحاب الشافعي وجهان ; أحدهما : يأكل الطعام .

                                                                                                                                            وهو قول عبد الله بن دينار ; لأنه قادر على الطعام الحلال ، فلم يجز له أكل الميتة ، كما لو بذله له صاحبه . ولنا أن أكل الميتة منصوص عليه ، ومال الآدمي مجتهد فيه ، والعدول إلى المنصوص عليه أولى ; ولأن حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة والمساهلة وحقوق الآدمي مبنية على الشح والتضييق ; ولأن حق الآدمي تلزمه غرامته ، وحق الله لا عوض له .

                                                                                                                                            ( 7813 ) . فصل : إذا وجد المضطر من يطعمه ويسقيه ، لم يحل له الامتناع من الأكل والشرب ، ولا العدول إلى أكل الميتة ، إلا أن يخاف أن يسمه فيه ، أو يكون الطعام الذي يطعمه مما يضره ، ويخاف أن يهلكه أو يمرضه .

                                                                                                                                            ( 7814 ) . فصل : وإن وجد طعاما مع صاحبه ، فامتنع من بذله له ، أو بيعه منه ، ووجد ثمنه ، لم يجز له مكابرته عليه ، وأخذه منه ، وعدل إلى الميتة ، سواء كان قويا يخاف من مكابرته التلف أو لم يخف ، فإن بذله له بثمن مثله ، وقدر على الثمن ، لم يحل له أكل الميتة ; لأنه قادر على طعام حلال . وإن بذله بزيادة على ثمن المثل ، لا يجحف بماله ، لزمه شراؤه أيضا ; لما ذكرناه ، وإن كان عاجزا عن الثمن ، فهو في حكم العادم ، وإن امتنع من بذله إلا بأكثر من ثمن مثله ، فاشتراه المضطر بذلك ، لم يلزمه أكثر من ثمن مثله ; لأن الزيادة أحوج إلى بدلها بغير حق ، فلم يلزمه ، كالمكره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية