الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      [ ص: 371 ] عبد الله بن نافع الصائغ ( م ، 4 )

                                                                                      . من كبار فقهاء المدينة بالغ القاضي عياض في تقريظه ، وذكره في صدر كتاب " المدارك " له ، فقال ولقد بعث سحنون في محمد بن رزين ، وقد بلغه أنه يروي عن عبد الله بن نافع ، فقال له : أنت سمعت من ابن نافع ؟ فقال : أصلحك الله إنما هو الزبيري وليس بالصائغ ، فقال له : فلم دلست ؟ ثم قال سحنون : ماذا يخرج بعدي من العقارب ؟ ! فقد رأى سحنون وجوب بيانهما ، وإن كانا ثقتين إمامين ، حتى لا تختلط رواياتهما ، فإن الصائغ أكبر وأقدم وأثبت في مالك لطول صحبته له ، وهو الذي خلفه في مجلسه بعد ابن كنانة ، وهو الذي يحكي عنه يحيى بن يحيى وسحنون ، ويرويان عنه ، ولم يسمع منه سحنون سماعه وإنما سمعه من أشهب كما نذكره بعد . ووفاته سنة ست وثمانين ومائة .

                                                                                      قلت : هذا قد قيل في وفاته ، والأصح ما سنذكره بعد فيها .

                                                                                      قال ومات الزبيري سنة ست عشرة ومائتين ، وهو شيخ ابن [ ص: 372 ] حبيب ، وسعيد بن حسان ، وكثيرا ما تختلط روايتهم عند الفقهاء ، حتى لا علم عند أكثرهم بأنهما رجلان ، وربما جاءت رواية أحدهما مخالفة لرواية الآخر ، فيقولون : في ذلك اختلاف عن ابن نافع . وقد وهم فيهما عظيم من شيوخ الأندلسيين بعد أن فرق بينهما ; لكنه زعم أن أحدهما ولد نافع مولى ابن عمر ، وإنما عبد الله بن نافع العمري شيخ قديم يذكر مع ابن أبي ذئب ونحوه .

                                                                                      قلت : وعبد الله الصائغ حديثه مخرج في الكتب الستة سوى " صحيح البخاري " وهو من موالي بني مخزوم .

                                                                                      ولد سنة نيف وعشرين ومائة .

                                                                                      وحدث عن : محمد بن عبد الله بن حسن الذي قام بالمدينة وقتل وأسامة بن زيد الليثي ، ومالك بن أنس ، وابن أبي ذئب ، وسليمان بن يزيد الكعبي صاحب أنس ، وكثير بن عبد الله بن عوف ، وداود بن قيس الفراء وخلق سواهم وليس هو بالمتوسع في الحديث جدا ، بل كان بارعا في الفقه .

                                                                                      حدث عنه : محمد بن عبد الله بن نمير ، وأحمد بن صالح ، وسحنون بن سعيد ، وسلمة بن شبيب ، والحسن بن علي الخلال ، ويونس بن عبد الأعلى ، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، والزبير بن بكار ، وأحمد بن الحسن الترمذي ، وعدة . [ ص: 373 ]

                                                                                      روى أبو طالب عن أحمد بن حنبل قال : كان صاحب رأي مالك .

                                                                                      وكان يفتي أهل المدينة ، ولم يكن صاحب حديث ، كان ضيقا فيه .

                                                                                      وقال يحيى بن معين : ثقة .

                                                                                      وقال البخاري : تعرف وتنكر .

                                                                                      وقال أبو حاتم : هو لين في حفظه ، وكتابه أصح .

                                                                                      وقال النسائي : ليس به بأس .

                                                                                      وقال ابن عدي : روى عن مالك غرائب .

                                                                                      وقال ابن سعد : كان قد لزم مالكا لزوما شديدا ، ثم قال : وهو دون معن ، قال : وتوفي في شهر رمضان سنة ست ومائتين .

                                                                                      قلت : فهذا الصواب في وفاته ، وما عداه ، فوهم وتصحيف .

                                                                                      وقد أخطأ الإمام أبو أحمد بن عدي في ترجمته خطأ لا يحتمل منه ، وذلك أنه لم يرو في ترجمته سوى حديث واحد ، فساقه بإسناده ، إلى عبد الوهاب بن بخت المكي ، عن عبد الله بن نافع ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، فذكر حديثا ، ثم إنه قال : وإذا روى عن عبد الله مثل عبد الوهاب [ ص: 374 ] بن بخت ، يكون ذلك دليلا على جلالته ، وهو من رواية الكبار عن الصغار .

                                                                                      قلت : من أين يمكن أن يروي عبد الله بن نافع الصائغ عن هشام ، ولم يأخذ عن أحد حتى مات هشام ؟ ومن أين يمكن أن يحدث عبد الوهاب عن الصائغ ، وإنما ولد الصائغ بعد موت عبد الوهاب بأعوام عديدة ؟ وإنما عبد الله بن نافع المذكور في الحديث مولى ابن عمر ، مات قديما في دولة أبي جعفر المنصور .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية